سأؤجل حكاية البداية التي مهدت لهذه الانطلاقة المهمة التي تمثل نقلة نوعية في مسيرة نهضة المرأة والفتاة السعودية في عهد الأب الراعي والملك المعطاء عبدالله بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله ورعاه، سأرجئ الحديث قليلا عن ظروف الغراس الأول لهذه النبتة المباركة التي بدأ حصاد ثمارها يوم 2 جمادى الثانية 1431ه 16مايو 2010م بأول دفعة من الزهرات والمرشدات والقائدات أرجوكم أحفظوا هذا التاريخ جيدا، لأنه يمثل فتحا مجيدا في مسيرة تعليم الفتاة السعودية، على نفس القدر والأهمية التي يمثلها تاريخ انطلاقة تعليم الفتاة السعودية عام 1380ه! حكاية انطلاقة مرشدات المملكة العربية السعودية، أوردها كما سمعتها من الصديقة العزيزة مها أحمد فتيحي قبل سنوات؛ خلال لقاء جمعنا بالأختين من دولة البحرين الشقيقة القائدتين فوزية وفائقة أمين، وأنها استعانت بهما لتدريب المرشدات، كونها تولت رئاسة مجلس خريجات مدرسة دار الحنان، وبدأت في التفكير في إعادة نشاط المرشدات الذي كانت إحدى ثمراته أو نتاجه، ففكرت وبحثت عن أحد رجالات العمل الكشفي المؤسسين للكشافة في المملكة العربية السعودية - لأنه لايوجد تاريخ حركة كشفية نظامية خاصة بالفتيات لدينا- قادها البحث إلى رئيس الكشافة القائد عباس حداوي، وسألته المشورة في موضوع المرشدات فاقترح عليها هذين الاسمين: فوزية وفائقة أمين من البحرين، فأسرعت ( مها ) بحماس شديد للتواصل معهما وبدأت أولى خطوات رحلة الألف ميل التي قطعتها في عامين، محققة اللجنة التأسيسية لجمعية مرشدات المملكة العربية السعودية، تحت مظلة وزارة التربية والتعليم ورئاسة الوزير صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود وقائد كشافة المملكة العربية السعودية! وسأورد الحكاية من كلمة العزيزة مها أحمد فتيحي التي ألقتها في منتدى المرشدات يوم الأحد 16 مايو 2010م تقول: ( عندما تكونت لجنة خريجات دار الحنان، وشرفت برئاستها من قبل زميلاتي الخريجات؛ أخذت أتلفت حولي في مجلس الإدارة، فوجدت أن 16 عضوة من أصل 18عضوة كن في نشاط المرشدات أثناء الدراسة، فاسترعى انتباهي حب الخدمة والعطاء والمبادرة والرغبة في خدمة الوطن وفتيات الوطن ... فوجدت لزاما البدء في خطوات ثابتة نحو برنامج شامل تلتزم فيه كل فتاة من خلال الوعد الذي تأخذه على نفسها عندما تقرر الانضمام للنشاط طواعية دون إكراه وتعمل بموجب قانون المرشدات وهي البنود التي تحتوي على الصفات الطيبة التي تهدف إلى تربية المواطنة الصالحة وهي: شريفة، مخلصة، نافعة، صديقة، مؤدبة، رفيقة، مطيعة، صبورة، مقتصدة، نظيفة السريرة (المظهر والمخبر) وضحت الزهرات هذه البنود إنشادا تعبيريا على المسرح أمام مئات الحاضرات من سيدات المجتمع والمسئولات عن التعليم الأهلي ومندوبات عن تعليم الشرقية والرياض، وأمام صاحبة السمو الملكي راعية المنتدى وحفل انطلاقة المشروع الأميرة الجميلة خُلقا وخَلقا، عطاء وكرما، بساطة وتواضعا، وبطبيعة الحال علما وثقافة ولباقة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، وصاحبات السمو الأميرات، لم أشهد حفلا بمثل هذا الحضور والتنظيم والدقة في المواعيد وروعة الكلمات وتناغم الأداء، ليس انحيازا للعزيزة مها ولا تبرؤاً من الانحياز، فلا يعيبني انحيازي الكامل لفكرها وجمال روحها وكل خصالها الجميلة بمافيها إصرارها على النجاح الجماعي، فهي تعشق العمل الجماعي التطوعي بروح الفريق الواحد فهي قائد بحق، لكنها الحقيقة دون تحيز، لأنها استطاعت أن تثبت حسن القيادة وجمالها بتنظيمها هذا المنتدى بتعاون كافة أفراد فريق العمل، سواء عضوات اللجنة التأسيسية أو القائدات والمرشدات اللاتي تم تدريبهن خلال الفترة الماضية، كي يكن نواة العمل الكشفي المؤسسي في المملكة العربية السعودية، وبطبيعة الحال لا يمكن إغفال دور مركز السيدة خديجة بنت خويلد وحرفية وحيوية الرئيس التنفيذي للمركز د/ بسمة العمير، وثقة المجتمع في مها فتيحي أو القائدة مها، لذلك سارع بالحضور والالتزام بالموعد، ولم تخذله (مها ) حققت له كل التطلعات؛ باقة من الزهرات والمرشدات والقائدات نواة العمل الكشفي وثمرة الغرسة الأولى، وأمسية ممتعة حد الإبهار! لن تصدقوا أني طول الوقت كنت أحاول السيطرة على دموعي ربما من الفرح، أو من الدهشة، ومحاولة التحقق أني أعيش حقيقة واقعية مائة بالمائة، أو كما قالت مها: « عندما نرى الأشياء ندركها إلا أن إدراك الأمور قبل رؤيتها يمثل إشكالا فكريا لا يستطيع المرء أن يتجاوزه إلا بتحقيق مايدركه أمامه عيانا بيانا» لذلك أحاول أن أنقل الصورة كما رأيتها في إشراقها وتألقها، كي تدركوا كم حرمت الفتاة السعودية من هذا النشاط الكشفي الذي يحتفل العالم بمئويته هذا العام، وأننا تأخرنا كثيرا، لولا مبادرة أبله سيسيل رشدي مديرة مدارس دار الحنان قبل ستة وأربعين عاما، ربما كنا مازلنا نعيش في مرحلة عدم الوعي بأهمية هذا النشاط الكشفي للفتاة، أو المرشدات: ( هي حركة أهلية تطوعية تربوية اجتماعية ثقافية ترويحية شاملة تهدف إلى خلق وبناء المواطنة الصالحة التي تتمسك بدينها وأخلاقها ومبادئها المنتمية إلى الدين ثم الوطن، والخادمة لمجتمعها المحافظة على بيئتها المتعاونة القادرة على الإبداع واتخاذ القرار وتحمل المسؤولية) دعوني أشرح لكم شعار المرشدات الذي تمثله الزهرة الثلاثية كما جاء في كلمة القائدة مها فتيحي، فالزهرة الثلاثية ثابتة في مفاهيمها ومدلولاتها وان اختلفت في ألوانها حسب كل بلد، فهي تشير إلى: الطريق السوي، الوعد والقانون وتمثلهما النجمتان، وبنود الوعد وتمثلها الأوراق الثلاثة، أما الشعلة فتمثل حب البشرية. مازال للحكاية بقية طويلة ربما أستطيع اختصارها في المقالة القادمة!!