مرور 62 عامًا على نكبة فلسطين هي بلا شك ذكرى مؤلمة لشعب لا يزال يعيش أحداث تلك النكبة وتداعياتها حتى الآن تشريدًا وتنكيلاً وحصارًا وتهويدًا وسرقة للتاريخ والهوية والتراث ، لكن ما يبعث على الاستغراب ليس فقط غض المجتمع الدولي الطرف عن كل ما يمكن أن يفضح جرائم وممارسات إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني ، ولا مكافأته على تلك الجرائم على نحو ما تم مؤخرًا من الموافقة على انضمامها إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية الدولية ، وإنما انصراف القيادات الفلسطينية عن مهمتها الأساس في وقف تلك الجرائم وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وتبني برنامج فاعل على المدى القصير والمتوسط والبعيد لتحقيق حلم الدولة والعودة وتوفير الأمن والاستقرار والرخاء لهذا الشعب المثابر المكلوم . هذه القيادات التي أضاعت بوصلتها وضلت طريقها نحو تحقيق المشروع الفلسطيني الوطني الذي ابتعد كثيرًا عن الآمال الوطنية لهذا الشعب وانحرف إلى هاوية الفتنة والخلاف والانقسام مطالبة الآن في ذكرى النكبة التي تعيشها الأمة ويذوق الشعب الفلسطيني ويلاتها حتى الآن وقف مسلسل الانقسام المخزي وفتح صفحة جديدة من الوفاق الفلسطيني من خلال مصالحة وطنية فلسطينية حقيقية لا تقبل المماطلة لأن استمرار الانقسام يقدم خدمة مجانية لإسرائيل ويضعف القدرة على مواجهة مشاريعها في الاستيطان والتهويد التي تتطلب صفًا موحدًا وقرارًا واحدًا ،الأمر الذي يتطلب العودة الفورية لطاولة الحوار الوطني الشامل على أساس الورقة المصرية والتوقيع عليها وإعادة الوحدة السياسية لشطري الوطن والمؤسسات الوطنية تطلعًا نحو وضع حد لمسلسل النكبة لا سيما بعد أن أثبتت الأحداث أن الانقسام هو نكبة أخرى لا تقل في وطأتها على كاهل الشعب الفلسطيني عن نكبة 48 . الدعوة التي وجهها الدكتور محمود الزهار أحد قياديي حماس أمس الأول إلى الفصائل الفلسطينية بمناسبة الذكرى ال»62» للنكبة للعمل على بناء الثقة لمصالحة فلسطينية حقيقية تنهي حالة الانقسام وتعيد لم الشمل الفلسطيني وحديثه عن اتصالات تجرى حاليًا مع حركة فتح بهذا الشأن هو بلا شك كلام جميل وأمنية غالية لكافة أبناء الشعب الفلسطيني لكنه يحتاج إلى التطبيق على أرض الواقع حتى يمكن القول إن الفلسطينيين استفادوا من دروس النكبة .