ليس في الأمر أي جنوح نحو التذرّع بنظريّة «المؤامرة»، عندما يرجع أحد خبراء الأمن السعوديين سبب انتشار المخدرات في الآونة الأخيرة بشكل مكثّف إلى ضلوع بعض الجهات الإرهابيّة، وعلى رأسها “تنظيم القاعدة”، في هذه التجارة المحرّمة، تغطية لعجزها المالي الذي تعيشه، قرينًا مع حاجتها الماسّة له لتنفيذ مخطّطاتها المدمرة التي تتطلّب من المال الكثير إرضاء للجهات المشبوهة التي تموّلها بالسلاح، أو تقدّم لها أيّ نوع من أنواع الدعم اللوجستي. ولئن كان إنكار مثل هذا السلوك قد ظلّ يطارد هذه المنظمات من البعد الإنساني، فإنّه سيطارد تنظيم القاعدة تحديدًا من ذات البُعد قرينًا مع البُعد «الديني»، فمهما كانت الحجّة المساقة للدخول في هذا المضمار العطن؛ فإنّها ستكون أوهى من أن تصمد أمام النصوص الدينية القاطعة في هذا الأمر، بما يسلب مقترفيه -ممّن يتلبّسون بالدّين- أي خِرق تستر عري موقفهم. ولن يكون بمقدور عاقل أن يجد أيّ نوع من التعاطف إزاء هذه الفئة المستحلّة للدماء بسلاح مجلوب من أموال المخدّرات. وحسنًا فعلت المملكة العربيّة السعوديّة ممثلة في المديريّة العامة لمكافحة المخدرات بتنظيمها للندوة الإقليمية الدوليّة الأولى في مجال مكافحة المخدرات، فهذا الخطر الماثل والحاضر في المشهد العالمي يستوجب تضافر للجهود، ويستدعي تبادل الخبرات والمعلومات في طرق المكافحة. فتجربة المملكة العربيّة السعوديّة الناجحة في “الضربات الاستباقية” جديرة بأن تجد حظها من الدراسة في هذا المحفل، كما أن تجارب الدول الأخرى قمينة بأن تدرس ويأخذ بها متى ما لاءمت أيّ بيئة من البيئات.. فبمثل ما أن “الإرهاب لا وطن له ولا دين”، فكذلك تجارة المخدرات التي تخطّت الحواجز والحدود، ولم تعد أيّ دولة في مأمن من انتشار هذه الآفة التي تستهدف بشكل أساسي وجوهري مستقبل البلدان المنظور في شبابها. فهذه الندوة من شأنها أن تضع إستراتيجيّة ذات صبغة عالميّة تستهدف قفل المنافذ التي تتسرّب منها المخدرات، مع سنّ الشرائع التي تحدّ منها، إن لم تقضِ عليها.. إنّ الحاجة تبدو ماسّة لتناول هذا الأمر بجديّة أكثر في المجتمعات، وتوعية الأسر بمخاطر تعاطي المخدرات، وتسخير وسائل الإعلام المختلفة للتوعية والتحذير؛ خاصة في أوساط الشباب من الجنسين، فتعاطي المخدرات في كثير من المجتمعات العربية بات أمرًا مقلقًا، والأرقام الرسميّة الدّالة على ذلك تنذر بكارثة إن لم يتم التنبّه إلى هذا الوضع سريعًا. [email protected]