تناولتُ يوم أمس المؤتمر العالمي لزعماء الأديان، والذي انعقد في باكو عاصمة أذربيجان، وشارك فيه زعماء دينيون من اثنين وثلاثين بلدًا، يمثّلون الإسلام، والمسيحية، واليهودية، والبوذية، والهندوسية. واستعرضتُ في كلمة الأمس مقاطع من البيان الختامي عن مركزية الدّين في الحياة المعاصرة، وضرورة التسامح، وحماية حقوق الإنسان. * * * مشكلتنا مع هذه المؤتمرات والقادة المشاركين فيها، أن المسلمين يعانون على أيدي المسيحيين واليهود والهندوس والبوذيين، مظالم مروّعة، وحملات إبادة جماعية وحشية، واضطهادًا منهجيًّا يدمّر كل المقومات الإنسانية، بدءًا من فلسطين، ومرورًا بالعراق، وأفغانستان، والهند، ومينمار، والبوسنة والهرسك، والفلبين، وتايلاند، والشيشان، والصين، ولم نسمع من زعماء المسيحيين، ولا اليهود، ولا الهندوس، ولا البوذيين في تلك البلاد، استنكارًا لمآسي المسلمين في مجتمعاتهم، وجهدا لرفع المظالم عنهم، وحماية حقوقهم الإنسانية. * * * خذ الفاتيكان مثلاً، أو الكنسية الأرثوذكسية، لم نسمع منهما استنكارًا، ولا نصرة للمسلمين الذين يضطهدهم رعايا الكنيستين في قلب ديارهم، ممّا يجعل البيانات الجميلة، والعبارات البرّاقة لمؤتمرات الحوار الديني، ولقاءات الزعماء الدينيين، بالنسبة لنا نحن المسلمين، حبرًا على الورق، وكلامًا في الهواء، لا يغيّر واقعًا، ولا ينصر مظلومًا، ولا يوقف اضطهادًا. إن المسلمين يمثلون أكثر من ثلاثة أرباع اللاجئين في شتّى أنحاء العالم، ومآسيهم سواء كانوا أغلبية، أو أقلية، هي المآسي الوحيدة التي يدير لها المجتمع الدولي ظهره، ويدعمها إن لم نقل يتواطأ معها بصمته، ويتعامى عنها قادة الكنائس، وزعماء الهندوسية والبوذية، ويسكت عنها الإعلام الدولي، ممّا يؤكد ضرورة مراجعة حضور المسلمين لمثل هذه المؤتمرات واللقاءات، وتقييم العائد من ورائها بموضوعية. غير أن الإنصاف يقتضينا أن نستثني قلة محدودة من المسيحيين، واليهود، والهندوس، والبوذيين، تصدّت بالقول والعمل لنصرة المسلمين، والتخفيف من اضطهادهم، ورفع المظالم عنهم، وهم يمثلون في ذلك جوهر الدّين من التسامح، والأخوة الإنسانية، والعدل.