الجديد في الانتخابات البريطانية التي ستجري بعد بضعة أيام أنها المرة الأولى التي تعقد فيها ثلاث مناظرات بين مرشحي الأحزاب الرئيسة قبل الانتخابات وذلك على الطريقة الأمريكية ، وقد أكدت تلك المناظرات أنه ليس بوسع حزب واحد تحقيق فوز كبير، وأن زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار نيك كليج الذي بدأ نجمه يتصاعد جماهيريًا منذ المناظرة الأولى من شأنه أن يحدد شكل الحكومة البريطانية المقبلة. وقد أمكن ملاحظة تقرب كليج من جوردون براون حتى نهاية الجولة الثانية ، لكن سرعان ما تغير الوضع بعد التقرب الذي حدث بين كليج وزعيم حزب المحافظين دافيد كاميرون بعد فقدان براون لثقة العديد من ناخبيه على إثر بث كافة وسائل الإعلام البريطانية التسجيل الصوتي الذي وصف فيه براون سيدة مسنة أثارت معه قضية الهجرة عندما وصف تلك السيدة بكلمة متعصبة ما اضطر رئيس الوزراء براون إلى زيارة منزل هذه السيدة للاعتذار لها بشكل شخصي. من تسنى له متابعة هذه المناظرات أو بعضها سيدرك للوهلة الأولى أن الزعماء الثلاثة المتنافسين على كرسي الرئاسة يقفون سواسية أمام جمهور المناظرة الذي كان يضم عدة عشرات من البريطانيين من شرائح اجتماعية مختلفة بما في ذلك المسنون والمهاجرون والملونون والمحاربون القدامى. كما يمكن ملاحظة أنه ليس ثمة حظر على أسئلة الجمهور فأحدهم -على سبيل المثال- عبر عن عدم رغبته في استقبال بريطانيا لبابا الفاتيكان لأنه يعارض المثليين. كما ألمح البعض إلى أن زوجة كليج (الإسبانية) تنتمي إلى المذهب الكاثوليكي في محاولة للتشكيك بولائه لبريطانيا لا سيما وأنه ينتمي لأب نصف روسي. وبالرغم مما يتوقعه البعض من ضعف المشاركة في تلك الانتخابات بعد أن مل الشعب البريطاني من سياسات زعمائه الموالية للولايات المتحدة أكثر من موالاتها لأوروبا، إلا أن الانتخابات البريطانية لا تزال تقدم النموذج على ما ينبغي أن تكون عليه الانتخابات في عالمنا العربي، خاصة في بعدها الأخلاقي الذي يتضح في زيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى منزل سيدة ليعتذر لها شخصيًا. يمكن القول في نهاية الأمر إنه إذا كان شعار أي انتخابات تجرى في أي قطر عربي «الانتخابات من أجل الانتخابات»، أو كمحاولة لإثبات حالة من حالات الديمقراطية فإنه لا داعي لها من الأساس!