صدر كتاب جديد بعنوان (الإرهاب جريمة العصر) لمؤلفه الدكتور عبد الحفيظ بن عبد الله المالكي مدير تحرير مجلة البحوث الأمنية وعضو هيئة التدريس في كلية الملك فهد الأمنية. وأشار المؤلف في كتابه الذي جاء في 320 صفحة إلى أن الإرهاب يعُد من أبرز الظواهر الإجرامية التي تهدد الإنسانية في العصر الحاضر، لما تنطوي عليه الأعمال الإرهابية من وحشية وهمجية، وقتل للأبرياء، وتخريب وتدمير للممتلكات العامة والخاصة، وأن هذه الظاهرة لم تقتصر على الدول النامية أو الفقيرة؛ إنما شملت الدول المتقدمة أيضاً من اليابان شرقاً إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية غرباً مروراً بالعالمين العربي والإسلامي والقارة الأوروبية. ويؤكد المؤلف أن مصطلح الإرهاب قد فرض نفسه على وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها ومشاربها وتوجهاتها، وعلى الأدبيات التي تعنى بالفكر السياسي والديني والقانوني والاجتماعي والنفسي والعسكري والأمني على حد سواء، خصوصاً في النصف الثاني من القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين، حيث زادت الأعمال الإرهابية، وارتفعت أعداد الضحايا بشكل مطرد، واتسع نطاق العمليات بشكل غير معهود، وظهرت أنماط جديدة من العمليات الإرهابية التي تعتمد على التطور العلمي والتكنولوجي في التخطيط والتنفيذ، إلى درجة أن بعض الكُتّاب والباحثين بدأ يتحدث عن احتمال استخدام أسلحة الدمار الشامل في عمليات إرهابية، وأصبح هذا التهديد يُؤخذ على محمل الجد في كثير من دول العالم. ويُرجع المؤلف زيادة الاهتمام بظاهرة الإرهاب إلى ارتباطها بالجانب السياسي، حيث أصبحت مظهراً من مظاهر العنف السياسي في كثير من دول العالم، وكذلك ارتباطها بجوانب أخرى إيديولوجية ونفسية واجتماعية وثورية، ومن موجبات الاهتمام بالظاهرة أيضاً أن الإرهاب أصبح في معظم أحواله عملاً منظماً تقوم به جماعات دولية منظمة وواسعة الانتشار، لها هياكلها التنظيمية وقياداتها الفكرية والعسكرية، ولها قواعدها التنفيذية، ولها خلاياها النشطة والنائمة، ولها منظروها ومفتوها وأجهزتها الإعلامية، وتمتلك الكثير من الإمكانات المادية والبشرية لتنفيذ عمليات معقدة جداً، وأبرز الأمثلة على ذلك أحداث 11 سبتمبر 2001م بالولاياتالمتحدةالأمريكية. العوامل الخارجية يُضاف إلى ذلك تطوّر العمليات الإرهابية من كونها عمليات فردية تحدث هنا أو هناك، أو عمليات داخلية محدودة تقوم بها بعض المجموعات في مواجهة السلطة الحاكمة، إلى عمليات تتسم بكثير من التعقيد والعنف، وذات أبعاد دولية ومحلية على حد سواء، كما تدخلت فيها بعض القوى الدولية والإقليمية لمساعدة الحركات الإرهابية ضد حكوماتها، أو لاستغلال تلك الجماعات الإرهابية لتنفيذ أجنداتها الخاصة، ومن ثم توظيفها للضغط السياسي على بعض الحكومات لتبني سياسات معينة أو التخلي عن أخرى، دون أن تظهر تلك الدول الداعمة للإرهاب في الصورة. كما يؤكد المؤلف أن الإرهاب قد أثار جدلاً واسعاً بين مختلف المفكرين ورجال القانون السياسة وعلماء الدين ورجال الأمن والإعلام وغيرهم؛ بحيث أضحى من أكثر الأمور تناولاً وتحليلاً، ولم يحظ أي موضوع بالكتابة والتحليل كما حظي به الإرهاب، ولذلك تعددت الجهود على مختلف الأصعدة لتحديد ماهية الإرهاب كمفهوم أولا، حيث إنه لا يمكن القيام بأي عمل تشريعي أو قانوني أو أمني أو غير ذلك دون تحديد المصطلحات وضبطها، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتم إبرام عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات الدولية والإقليمية، وأصدرت الكثير من القوانين والأنظمة والتشريعات ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب. وحاول المؤلف من خلال هذا الكتاب الإسهام في بحث ظاهرة الإرهاب وتحليلها، وتقديم رؤيته في هذا المجال، مع إلقاء الضوء بصورة مختصرة على أبرز ما توصل إليه المختصون والباحثون حيال هذه الظاهرة، ليشمل ذلك مفهوم الإرهاب، وأهدافه، ومخاطره، وأنواعه، وأسبابه ودوافعه. تعريف المصطلح وجاء هذا الكتاب في خمسة فصول، تناول الفصل الأول مفهوم الإرهاب وإشكالية التعريف، وخاصة في ظل تعدد التعريفات التي تتناول الإرهاب حيث جرى الحديث عنها من خلال تصنيفها إلى عدد من الفئات حسب من يقوم بتقديمها وتبنّيها، وذلك يشمل: تعريف الإرهاب في اللغة، وتعريف الإرهاب لدى المفكرين ورجال القانون، وتعريف الإرهاب لدى بعض الدول، وتعريف المجامع الفقهية والمنظمات الدولية للإرهاب، وتعريف المعاهدات والاتفاقيات الدولية للإرهاب، وتعريف الإرهاب في الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وتعريف الإرهاب في اتفاقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب، ومفهوم الإرهاب في الإسلام من خلال الحديث عن الحرابة والبغي. أما الفصل الثاني فقد تحدث فيه المؤلف عن أهداف الإرهاب وخصائصه وسماته، حيث تتعدد أهداف الإرهاب وتتنوع باختلاف الزمان والمكان والأشخاص وغيرها من العوامل والظروف المحيطة، وإن كانت هناك قواسم مشتركة لمعظم العمليات الإرهابية، كما حاول من خلال هذا الفصل إلقاء الضوء بصورة موجزة على أهم أهداف الإرهاب، مشيراً إلى أن العملية الإرهابية الواحدة قد تجمع بين هدفين أو أكثر في آن واحد، وقد يكون لها أهداف آنية وأخرى مستقبلية، وفي ظل عدم الاتفاق على تعريف محدد لماهية الإرهاب تناول المؤلف أهم خصائص الإرهاب وسماته، وما يمكن أن يميِّزه عن غيره من الجرائم العادية. تصنيفات مفقودة وتحدث المؤلف في الفصل الثالث عن أنواع الإرهاب وصوره ووسائله؛ وخاصة مع تزايد أنواع الإرهاب وتجدد صوره وأشكاله ووسائله، مؤكداً أن كل حادث إرهابي يكشف عن صورة أو وسيلة جديدة للإرهاب لا تقل في بشاعتها عن سابقاتها، وهو ما أوجد صعوبة في حصر جميع الأعمال الإرهابية وتصنيفها كما هو الحال في غيرها من الجرائم، وذلك بالرغم من المحاولات الجادة لكثير من الباحثين للإحاطة بجميع صور الإرهاب وأنماطه، وعدم اتفاقهم على معايير معينة لتلك التصنيفات، ولذلك حاول في هذا الفصل تصنيف أنواع الإرهاب تبعاً لعدد من المعايير التي يراها منطقية ومعقولة، مع إعطاء فكرة موجزة عن أهم الصور المعاصرة للإرهاب، وعن أكثر الوسائل استخداماً في تنفيذ العمليات الإرهابية، وذلك من خلال مبحثين، تحدث في الأول منهما عن تصنيف أنواع الإرهاب وفقاً لعدد من المعايير وهي: وفقاً لمرتكب العمل، ووفقاً لنطاق العمل وامتداده، ووفقاً للأسباب والدوافع، ووفقاً للأسلحة والوسائل المستخدمة، وذلك مصحوباً بلمحة موجزة عن هذا التصنيف وما يتضمنه من تفريعات لأشكال الإرهاب وأكثر صوره شيوعاً، وإن كانت في بعض الأحوال متداخلة؛ فقد يجمع العمل الإرهابي الواحد بين أكثر من تصنيف، أو يختلط مع غيره من صور الإجرام. وفي المبحث الثاني وضّح صور الإرهاب وأكثر وسائله شيوعاً؛ وتلك الصور تشمل: خطف وسائل النقل ولاسيما الطائرات، واحتجاز الرهائن، وتدمير المنشآت المهمة، والاغتيالات، واستخدام المتفجرات باعتبارها من أفضل الوسائل المستخدمة من قبل الجماعات الإرهابية وأكثرها تحقيقاً لأهدافها. الوقاية والعلاج أما الفصل الرابع فقد خصصه المؤلف للحديث بصورة موجزة عن أبرز الأسباب والدوافع التي يرى أنها تقف خلف الإرهاب بصوره وأشكاله المختلفة، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مشيراً إلى أن من الأهمية بمكان الاهتمام بدراسة أسباب الإرهاب ودوافعه باعتبار ذلك من مقومات نجاح إجراءات الوقاية والمواجهة والمكافحة. ونظراً لأن الانحراف الفكري أساس كل بلاء، فالجريمة تبدأ أول ما تبدأ - سواء كانت إرهابية أو غير ذلك - في فكر الإنسان وعقله، ولأن معظم ما يحدث في العالم اليوم من أعمال إرهابية وانحرافات سلوكية متنوعة إنما تنطلق من ذلك الخلل في الفكر والمنطق والتطبيق؛ فقد حاول المؤلف حصر أهم مظاهر الانحراف الفكري وأبرزها، وتناول أكثر من عشرين مظهراً منها بصورة موجزة دون الخوض في تفاصيل الأدلة التي يزعم المنحرفون فكرياً أنها تسند موقفهم ورأيهم في مختلف القضايا ذات العلاقة، أو تفنيدها والرد عليها، وقد أوردها باعتبارها مؤشرات ودلائل تساعد على تشخيص الفكر المنحرف، وتسهم في تحديد العناصر التي تحمل الفكر المنحرف، وقد تساعد على توجيه العمل لتصحيح المعتقدات، وتحرير المفاهيم والمصطلحات، وإزالة الشبهات، ومن ثم الوقاية من الإرهاب. انعكاسات وآثار أما الفصل الخامس من الكتاب فقد خصَّصه المؤلف للحديث عن أهم آثار الإرهاب ومخاطره؛ وخاصة أنه لا يقتصر على إحداث القتل والدمار فقط، بل له آثار خطيرة ومتعددة في كثير من المجالات التي حاول حصرها وتصنيفها لتشمل: آثار الإرهاب في المجال السياسي، وآثار الإرهاب في المجال الاقتصادي، وآثار الإرهاب النفسية والاجتماعية، وآثار الإرهاب في مجال الدين والعقيدة، وآثار الإرهاب في المجال الأمني.