تجسّد أحداث المسرحية الاجتماعية “درندح” جزءاً من تاريخ المدينةالمنورة القديم الجميل والذي كان حافلاً بالتكافل الاجتماعي بحكم التقارب بين الأهالي في الأحياء، خاصةً وأن المسرحية تميزت بديكورات صُممت بإتقان عن جنبات الحي قديماً، والتي كانت تتكون من مركاز الحي والبيوت الطينية التي تحمل الرواشين في الشبابيك بمنظر يصوّر للمشاهد الحياة البسيطة والجميلة في آن واحد، وهي تعرض مشهد الحارة قبل التطوير الذي تشهده المدينة حالياً. مسرحية «درندح» قام بتنفيذها قسم النشاط الثقافي بتعليم المدينةالمنورة، وتم عرضها مؤخراً بحضور مدير عام التربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة الدكتور تنيضب الفايدي. وقال مؤلف المسرحية محمد قشقري: “درندح” تمثّل حقبة معيّنة من تاريخ المدينةالمنورة الحلو والآيل للنسيان المر وهو تاريخ كان حافلاً بالتكافل الاجتماعي الأسطوري إلى حد قد لا يصدقه من لم يعش فيه. وأضاف: مكارم الخصال متأصلة في وجدان أهل هذه المدينة النبوية حيث كانت وظلت هذه صفات أهل المدينة مهاجرين وأنصارا، وأحداث هذه المسرحية -الكومي اجتماعية- تبدأ من لحظة التقاعد الذي فرضه الزمن على شيخ النجارين في حي باب “المجيدي” بزقاق برغوتة المعلّم أبو درندح بعد عمر مديد قضاه في صناعة الرواشين والأبواب والبايكات فشعر حينئذ بأن دوره في الحياة قد تلاشى وأن سعيه فيها قد انقضى وغلبه الحزن ولكن ابنه درندح الذكي أعاده إلى قيد الوجود مرّة أخرى عبر إقناعه بتأسيس مؤسسة تجارية ليستفيد من خبرته الطويلة فازدهرت المؤسسة أيّما ازدهار ونمت أيّما نماء ولكن الشر استبد بالابن (درندح) فأراد أن يكون رجل السوق الأوحد وأن يطمس من عداه ليتصدى له والده الذي يحمل في دمه تراث المحبّة المديني ويعلّمه أن هذه ليست هي الأخلاق المدينية التي عاشت عليها الأجيال الماضية وسرعان ما تؤكد الأحداث حكمة الأب حيث يشب حريق في مستودعات المؤسسة فيقوم أهل السوق المهددين من قبل الابن بالإفلاس بإنقاذ البضائع المتراكمة فيه وبإنقاذه من الدمار الذي يريد إحاقته بهم فيشعر الابن أخيرا بخطئه ويتعلم درس (أنّ الناس بالناس وأنّ الكل بالله). بدوره تحدث مخرج المسرحية الفنان جميل القحطاني والذي أدّى دور «أبو درندح»، فقال: “درندح” هي مسرحية كوميدية اجتماعية أبدع الكاتب في كتابتها وأحداثها وقد أدخلت أنا على النص العديد من الإسقطات التي خدمت النص من ناحية الكوميديا البريئة الهادفة التي وجدت صداها من الجمهور أثناء العرض وأما من ناحية الشخصيات فكانت لي العديد من الإسقاطات لبعض الشخصيات التي لم تكن في النص كالابن الذي يبحث عن المشاكل والعمدة وحارس العمدة والتي عملت جواً في أحداث المسرحية باحترافية جيدة وقد استخدمت العديد من أدواتي كمخرج فالفنتازيا والفلاشات والإضاءات والأسبوتات وخيال الظل وتغيير المشاهد أيضاً في الإضاءات نجد أن كل مشهد بلون مختلف عن الآخر وهذا الأول من نوعه الذي يُستخدم على المستوى الخليجي والعربي كما أن حبكة النص كانت مرسومة للشخصيات التي أعطت العديد من المفارقات وشكّلت لوحة جمالية في نهاية المسرحية مع الحبكة الإخراجية للنص، وأما عن شخصيتي في المسرحية كانت “أبو درندح” وهي الرابط الأساسي للعبة المسرحية التي من خلالها بثت العديد من الرسائل الموجهة بشكل غير مباشر للمتلقي، ووجّه القحطاني شكره لكل من محمد قشقري وعبدالحفيظ حافظ على جهودهما التي يبذلانها لإعادة مسرح إدارة التربية والتعليم بالمدينةالمنورة بشكل جديد ومميز ومختلف عن السابق.