يمكن تمييز سلفا كير الذي اعلن فوزه برئاسة مجلس جنوب السودان، من لحيته السوداء وقبعته التي تشبه قبعة رعاة البقر الاميركيين، وهو يحظى بالاحترام لتاريخه العسكري اضافة الى التزامه المسيحي على رأس الحركة الشعبية لتحرير السودان التي قادت التمرد في جنوب السودان الذي يحلم بجعله دولة مستقلة. وسلفا كير فاز رغم افتقاده للكاريزما، باغلبية ساحقة من 92.99% من اصوات ناخبي جنوب السودان المتمتع بحكم شبه ذاتي ويعيش فيه اكثر من ثمانية ملايين ونصف مليون نسمة سيقررون في استفتاء في 2011 بشأن بقائهم ضمن السودان الواحد او الانفصال والاستقلال. والزعيم الجنوبي المرتفع الهامة الذي يحرص كل احد على القاء عظة في كاتدرائية جوبا، عاصمة جنوب السودان ذات البنى التحتية الفقيرة والتي تعاني من عدم استقرار امني، يعتبر من المدافعين المتحمسين عن استقلال جنوب السودان خلافا للزعيم التاريخي للتمرد الجنوبي جون قرنق الذي كان يدعو الى الوحدة في اطار الفدرالية ويتبنى خطابا علمانيا ديموقراطيا. اسس "سلفا، كما يسميه السودانيون، في 1983 مع جون قرنق جيش/الحركة الشعبية لتحرير السودان التي قادت التمرد في وجه الخرطوم وسياسا تها التي كانت تعتبر متشددة في مركزيتها.وبعد حرب اهلية استمرت 21 عاما وتسببت بمقتل مليوني شخص وتشريد اربعة ملايين، وقع الشمال والجنوب في كانون الثاني/يناير 2005 اتفاق سلام شاملا ينص على تنظيم انتخابات وطنية هي الانتخابات المقررة بين 11 و13 نيسان/ابريل الجاري، واستفتاء حول تقرير المصير في 2011. وبعد بضعة اشهر بالكاد على نهاية الحرب، قضى جون قرنق نحبه في 31 تموز/يوليو 2005 في حادث سقوط مروحيته لدى عودته من اوغندا. وهكذا بات كير زعيم الجناحين السياسي والعسكري للحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب ونائب الرئيس السوداني. ولكن هذا العسكري المحترف الذي يفضل التحدث بالعربية الشائعة في جوبا والتي يتحدثها اهل جنوب السودان، على التحدث بالانجليزية، يقع ضحية المقارنة بينه وبين الراحل جون قرنق، الزعيم المثقف صاحب الكاريزما الذي انطبعت صورته في ذاكرة السودانيين جنوبيين وشماليين. وخلافا لجون قرنق، يعتبر كير مؤيدا لاستقلال الجنوب وهو مقتنع بانه سيحقق هدفه في استفتاء كانون الثاني/يناير 2011 الذي قد يخل بالتوازن القائم في افريقيا ويغير الحدود الموروثة من الاستعمار.