ثوران بركان "كليوتشيفسكوي" جراء زلزال بقوة 8,8 درجات    آل الشراحيلي يفرحون بزواج الدكتور عبدالعزيز شراحيلي    بالشراكة مع الجهات والقطاعات المعنية.. بلدية صبيا تنفذ فرضية ميدانية للاستجابة لخطر السيول    المدينة المنورة تعتمد مدينة صحية مليونية للمرة الثانية    اللواء الودعاني : مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص أولوية وطنية لحماية الكرامة الإنسانية    نائب أمير جازان يستقبل قائد قوة أمن المنشآت المعيّن حديثًا بالمنطقة    رحلة في "يباس".. نادي الرواية الأولى يضيء التجربة الروائية لآية السيّابي    جمعية "كلانا" توقع شراكة مع الصحة لتوفير 50 جهاز غسيل كلوي    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10914) نقطة    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    أمير جازان يرعى مراسم توقيع اتفاقية تعاونٍ بين سجون المنطقة وجمعية "مأمن"    حرس الحدود يختتم المعرض التوعوي بالسلامة البحرية بمنطقة جازان    أمير حائل يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية    عبور 7 شاحنات إغاثية سعودية جديدة إلى قطاع غزة مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة    موسيس إيتاوما يواجه ديليان وايت بنزال قمة الوزن الثقيل في الرياض أغسطس المقبل    نجاح عمليتين لزراعة مضخات قلبية بمدينة الملك عبدالله بمكة ضمن برنامجها المتخصص في قصور القلب    كبار السن في السعودية يتصدرون مؤشر الصحة الذهنية عالميًا    الشؤون الإسلامية في جازان تهيئ الموظفين والموظفات المعينين حديثًا    أمير الشرقية يشيد ببطولات الدفاع المدني ويؤكد دعم القيادة    الأردن ترحّب بإعلان رئيس الوزراء البريطاني عزم بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية    السفارة السعودية في اليابان تهيب بالمواطنين الالتزام بالتعليمات الصادرة بشأن تسونامي    المنتخب السعودي يشارك في أولمبياد العلوم النووية الدولي 2025    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى توليه مهام الحكم في بلاده    البلديات والإسكان تحدث اشتراطات منافذ بيع المواد غير الغذائية لتنظيم القطاع التجاري    ندوة في كتاب المدينة تحذر من استبدال النصوص بالمؤثرات    سدايا أول جهة حكومية في الشرق الأوسط تنال اعتماد CREST لتميزها في الأمن السيبراني    ارتفاع أسعار الذهب    اغبرة على معظم مناطق المملكة و أمطار على الجنوب    ناقش تقارير الإنجاز.. مجلس الشؤون الاقتصادية: استمرار نمو وتنوع الاقتصاد السعودي ضمن رؤية 2030    «ملكية مكة» تحفز العقول الوطنية تماشياً مع رؤية 2030    قدم شكره للسعودية وفرنسا.. وزير خارجية قطر: مؤتمر «التسوية السلمية» يعالج أقدم قضايا السلم والأمن    وزير الخارجية المصري: تدشين مسار تفاوضي يوصل للسلام    أجواء عسير تتزيّن بالأمطار    أكد مواصلة المملكة جهودها لإرساء السلام العادل بالمنطقة.. مجلس الوزراء: مؤتمر«التسوية الفلسطينية» يرسي مساراً توافقياً لحل الدولتين    بريطانيا تناقش خطة سلام مقترحة لإنهاء حرب غزة    عبدالعزيز بن سعود يلتقي منسوبي "الداخلية" المبتعثين للدراسة في فرنسا    وزير الداخلية يزور مركز العمليات الأمنية لشرطة باريس    اختتام برنامج "حكايا الشباب" في الباحة بمشاركة نخبة من الرياضيين والمختصين    من ملاعب التنس إلى عالم الرياضات الإلكترونية: كيرجيوس يشيد بأجواء كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025    "الأدب والنشر والترجمة" تُطلِق النسخة الرابعة من "كتاب المدينة" بمشاركة أكثر من 300 دار نشر    نائب أمير مكة يطلع على أعمال الجهات المعنية بخدمة المعتمرين    ابن نافل يترجل عن رئاسة الهلال    الملك وولي العهد يتلقيان رسالتين من رئيس أذربيجان    وزير الداخلية يطلع على "العمليات الأمنية" لشرطة باريس    إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الجامايكي «أزاريا وأزورا إيلسون» إلى الرياض    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم الملتصق الجامايكي "أزاريا وأزورا إيلسون" إلى الرياض لدراسة حالتهما الطبية    التنظيم يقفز بأسعار العملات الرقمية    وزير الخارجية يستقبل وزير خارجية بريطانيا    سعود بن نايف: الأحساء تشهد حراكًا تنمويًا نوعيًا    1.689 طلب منح الأراضي المنفذة    تعليم مناسك العمرة «افتراضياً»    أمير جازان ونائبه يطّلعان على سير المشروعات التنموية بمحافظة صبيا    سلسلة من الكلمات الدعوية ضمن الدورة العلمية الصيفية الثالثة تنفذها دعوة المسارحة والحرث    نائب أمير مكة يرأس اجتماع اللجنة الدائمة للحج والعمرة    Team Vitality يتصدر المونديال الإلكتروني    انطلاق النسخة الرابعة من معرض الكتاب بالمدينة    أبشر رسالة مشحونة بالتفاؤل    ثقافة القطيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قنديل: أحداث ثورة يوليو 1952 استدرجتني لقراءة الكتب السياسية


تنوّع المنجز الإبداعي للأديب المصري وأمين عام جائزة إحسان عبدالقدوس الروائية فؤاد قنديل بين الرواية وأدب الرحلة والكتابات النقدية. وقدم للمكتبة العربية العديد من العناوين المهمة. ولعل علاقته بمكتبته الخاصة كان لها بالغ الأثر في ثراء تجربته.. وعلاقة قنديل بالكتاب والمكتبة حبلى بالتفاصيل الكثيرة إذ استطاع أن يكوِّن مكتبته على مراحل مختلفة حيث يقول: كانت البداية من خلال كتب والدي الدينية إذ تخرّج في المعهد الديني الأحمدي بطنطا وهو فرع من الأزهر الموجود بالقاهرة، ولم أقبل عليها إلا بعد سنوات من القراءة الحرة، وكنت أعيش في مدينة بنها مع أسرتي، ولما سمعت عن سور الأزبكية بالقاهرة قررت السفر إليه لشراء الكتب القديمة بمبالغ زهيدة من مصروفي الذي أصبحت أدخره لرحلة أسبوعية صباح الجمعة منذ عام 1959؛ لأشتري أكبر كمية وأعكف عليها طوال الأسبوع لقراءتها، ثم أعود في الأسبوع التالي لزيارة الأزبكية لحمل كتب جديدة. وبعد التحاقي بالعمل باستديو مصر عام 1962 أصبحت أشتري ما أريد دون مشكلة، وبعد ذلك أصبحت استقبل الهدايا من الكتب، وبعضها حصلت عليه كجوائز عينية في بعض المسابقات؛ فضلًا عن حرصي على شراء ما أريد من معرض القاهرة الدولي للكتاب. من طاغور إلى السيرة النبوية يذكر فؤاد قنديل أبرز الكتب التي أثرت فيه منذ الصغر فيقول: كتب طه حسين وجبران خليل جبران وألف ليلة وليلة ثم الروايات العالمية خاصة الروسية لديستوفيسكي وتورجنيف وتشيكوف وكذلك الروايات الفرنسية لبلزاك وزولا وهوجو، كما كانت أشعار شوقي والشابي وناجي وعلي محمود طه وطاغور ذات جاذبية وتأثير ومثلها مسرحيات شكسبير، على أنني لا أنسى إعجابي بالتراجم حيث قرأت سير الأعلام؛ فقد قرأت مبكّرًا سيرة المصطفى -عليه الصلاة والسلام- والإمام علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- وكذلك خالد بن الوليد وأبو ذر الغفاري والصحابة كافة، كما قرأت سيرة حياة نابليون وإبراهام لينكولن وشكسبير وغاندي والإسكندر الأكبر وسقراط وأرسطو وكليوباترا.. لقد مثّلت السيرة والتراجم أهمّية كبيرة لي ودفعتني لتأمل أصحابها وترسخت في أعماقي فكرة أن العظماء هم الذين يصنعون التاريخ والقادة والأبطال والعلماء خلقهم الله لدفع عجلة الحياة على الأرض. قراءات متفرقة ثمة كتب أعاد قنديل قراءتها أكثر من مرة مثل: ألف ليلة وليلة، و"الوجود والعدم” لسارتر وأشعار بودلير ورامبو وإليوت وكوليردج ووالت وايتمان ومسرحيات شكسبير وكتابات توفيق الحكيم الفكرية وأشعار جلال الدين الرومي وكازانتاكس. ويعد فؤاد قنديل من الكُتّاب المغرمين بالقراءة في مجالات شتى خارج نطاق الأجناس الأدبية حيث يقول: أميل منذ البدايات لقراءة التراجم والرحلات العربية والأجنبية، ومنذ الدراسة الجامعية أصبحت أميل للفلسفة وعلم النفس. أما القراءات الدينية فأكثر منها خلال شهر رمضان حيث أكون مؤهّلًا نفسيًّا وروحيًّا لها، ومنها قراءة القرآن الكريم ورياض الصالحين وإحياء علوم الدين وأحاديث الرسول وسيرته وكل ما يتصل بالجانب العقائدي، كما أنني قرأت الكتاب المقدس مرات عدة في غير رمضان وكذلك كتاب المسيح للعقاد. سياسة وفن ويمضي قنديل قائلًا: للفنون عامة نصيب غير قليل في قراءاتي بعيدًا عن الأدب فأحب قراءة بعض الكتب في الموسيقى والفن التشكيلي والفنون الشعبية والسينما، ولا أتصور أن هناك أديبًا يمكن أن يستغني عن القراءة في الفن أو الفلسفة والرحلات والتراجم. كما أنني ملت مبكّرًا لمتابعة الأحداث السياسية بعد قيام ثورة يوليو 1952ومن ثم استدرجتني تلك الأحداث لقراءة الكتب السياسية مثل"أصول السياسة” لهارولد لاسكي و"الإسلام ونظم الحكم” لعلي عبدالرازق و"لعبة الأمم” و"صراع الحضارات” و"مستقبل العالم الثالث” وغيرها من الكتب. وللتاريخ نصيب من قراءات قنديل وهكذا يواصل حديثه: أحسب أن من مال على نحو للسياسة، فمن الطبيعي أن يقبل على التاريخ؛ لأنه البداية الرئيسة لفهم الحراك الإنساني والتعامل مع المستجدات السياسية محليًا وعالميًا، موضحًا رؤيته تلك بقوله: إنني أومن بأن على الكاتب أن يبني عمارة ثقافية مهيبة داخل أعماقه حتى يستطيع إذا تأهب لكتابة رواية أو قصيدة أو مسرحية أن يشحن النص بالأفكار والرؤى المناسبة، فضلًا عن أن هذه العمارة تسهم في اتساع الآفاق وإطلاق الخيال اللذين يتعاونان مع التجربة الإنسانية في إيجاد وتشكيل عالم فني جديد تربى في أحضان مكونات ثرية وعامرة بالمعرفة والجمال. لا أفر إلى المقهى علاقة نفسية تربط رحلة الكاتب المصري مع مكتبه ومكتبته وفي هذا يقول: لا أحسبني في حبي للجلوس بالمكتب والمكتبة مختلفًا عن غيري من الكتاب، وإن كان هناك من لا يرتبط بها ارتباطًا وثيقًا، بل ربما كان هناك من يفر منهما حتى لا يشعر بالقيد أو الخضوع لعالم تفرضه الكتب، ويفضل أن ينطلق إلى الطبيعة أو المقاهي، وأكثر هذا الصنف من الشعراء لكنني ارتبطت بالمكتب منذ الصغر خاصة في حالة الكتابة. أما القراءة فلم تكن مرتبطة بالمكتب؛ لأنني كنت أقيم قريبًا من النيل في مدينة بنها (مسقط رأسه) وكثيرًا ما جلست على ضفافه أقرأ كتبي الدراسية ثم كتبي الثقافية العامة، وكنت أكتب الشعر أيضًا على شرفه وبحضور النيل أو فوق سطح بيتنا خاصة في نهارات الشتاء أو ليالي الصيف. بعوضة مزعجة ويبدو أن الزواج أدى إلى تغيير بعض من عادات الكتابة لدى قنديل فنجده يسترسل في الحديث: إن ارتباطي الدائم بالمكتب والكتب ترسّخ بعد الزواج حيث كان لابد أن أوفر جوًّا خاصًّا يخلو من كل حركة وضجيج، وربما كان ذلك بسبب طبيعتي التي لا تسمح لي بالتفكير إلا في ظل الهدوء الكامل ولو طارت أمامي بعوضة لهددت ما أتأمله ولقطعت عليَّ حبل أفكاري وما أشرع في كتابته، كما أن أي صوت مهما كان ضعيفًا كورقة يهزها النسيم قد تؤثر عليَّ سلبًا، فما بالك بمنزل الزوجية الذي تملأه الزوجات عادة بالحركة والتنظيف وغسل الأواني والطهو وحب الاستماع إلى الإذاعة أو مشاهدة التليفزيون، أو يقمن أحيانًا بالغناء ربما كان هذا هو السبب في ميلي للجلوس في المكتب بحثًا عن الهدوء من ناحية، ولكي أتنفس عبق الكتب وأقترب من العباقرة الذين دبجوا البيان الرفيع وقدموا للإنسانية أجمل الأفكار وأطلقوا أجنحة الخيال تحلق في آفاق غير محدودة.. وهكذا أعيش معظم وقتي بالمكتبة وتحت عيون أحبائي وأساتذتي من كل دول العالم وعبر كل الأزمنة، ومن المهم الإشارة إلى أنني لا أجد راحتي في القراءة إلا على كرسي هزاز مخصوص أسترخي عليه وأجد الفرصة لأتأمل ما أقرأ. مكتبة ضد خيانة الذاكرة انتهى الحديث بيننا.. غادرت منزل الأديب الكبير في الطابق الأخير ببناية شامخة في حي الهرم.. وحينما شرعت في كتابة السطور الأخيرة من هذا الموضوع تذكرت كم كان ضروريًّا أن أسأله عن هذا الكم الكبير من المعلومات الموثقة بالتواريخ في عمله الروائي الأخير“نساء وألغام” ومباشرة وجدتني أقول لنفسي بالتأكيد السر في مكتبته العامرة بالكتب المنوعة، فمن المؤكد أن فؤاد قنديل احتاج عشرات المرات الرجوع إلى مكتبته؛ ليتحقق من تواريخ وأحداث أوردها في روايته، ومنها تاريخ آخر ثورة لبركان فيزوف، وكذلك تاريخ آخر غرق لمدينة فينيسيا التي زارها عام 1975 وغير ذلك من الأمور والتفاصيل المهمة التي كانت لمحتويات مكتبته دور كبير في تذكيره بما قد تخونه فيه الذاكرة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.