قال الضَمِير المُتَكَلِّم: يقول أحدهم: تصدق إني تمنيت أن أكون أجنبياً في وطني؛ يا أخي الأجنبي له ميزات وحقوق أحسن مني؛ بعضها صنعتها الأنظمة، وبعضها أنتجتها الظروف المعيشية: * فأنا لو كنت أجنبياً ذا طموحات كبيرة، فسوف أتعرف على شخصية من إياهم؛ أعمل تحت مظلتها، أضرِب بسوطها، وأشتم بلسانها، وأتجاوز الأنظمة بهيبتها وسطوتها؛ وبالتالي أمتص خيرات هذه البلاد؛ تتورم منها حساباتي في البنوك الخارجية؛ أما سيدي وكفيلي وتاج راسي؛ فيكفيه أن أعطيه مصاريف سفرياته وسهراته الملونة بألوان الطّيف، وفي النهاية ربما تُقَدَّم لي الجنسية هدية ما وراها جِزيّة!! * أما إن كنت أجنبياً متوسط المؤهلات؛ فسوف أجد مواطناً أفتح باسمه ورشة أو سوبر ماركت (أعطيه المقسوم شهرياً)، ثم أستمتع بالكعكة كلها؛ وطبعاً لأني أدخل بيوت المسؤولين وأساعدهم في قضاء مصالحهم؛ فإنهم يسهلون لي الإجراءات التي يعقدون بها المواطن المسكين!! * وقد أكون موظفاً متعاقداً مع إحدى المؤسسات الحكومية، وهنا لِي حقوق كثيرة محرمة على المواطن؛ منها بدل السكن، وتذاكر السفر عند الإجازة السنوية!! * أما لو كان قَدري أن أكون أجنبياً غلبان فأمامي ثلاث طرق للحياة الكريمة في هذه البلاد الطيبة: أولها أن أعمل عند حبيبي كفيلي؛ فهو المسؤول عني يجددّ إقامتي، ويوفر لي السكن الذي لا يجده المواطن، وعنده استمتع بأنواع مختلفة من الطعام ما بين كَبْسَة وإيدام!! والثاني أن يعطيني كفيلي حريتي ويطلق يديَّ؛ حيث أمارس أعمالًا متعددة دون حسيب أو رقيب؛ أسكن مع عشرة في غرفة، العشاء فول، والفطور طعمية!! والثالث أن أهرب من الكفيل بحثاً عن رزقي متنقلاً هنا أو هناك؛ وإذا قبِض علي فأقصى عقوبة تنتظرني أن أُسَفّر إلى بلدي!! أرأيت يا عزيزي التسهيلات التي يحظى بها الأجنبي؛ بينما أنا أصبحت مواطناً منزوع الدّسم سلبته راحته البطالةُ، وديونُ البنوك، وغلاء الإيجار والأسعار؛ ألا يحق لي بعد ذلك أن يكون حلمي في وطني أن أكون أجنبياً!! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]