أنهيت مقالي يوم أمس عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: (من لا يرحم الناس: لا يرحمه الله)، وآخر يقول: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض؛ يرحمكم من في السماء). وبأن سنة الله تعالى جرت بأن من اشتغل بعيوب الناس اشتغل الناس بعيوبه، وأذاقوه من الكأس الذي طالما جرَّعه غيره، وأظهروا من فلتاته وزلاته ما لم يكن بالحسبان.. فكما تُدين تُدان. وكنت قد كتبت المقال عاليه يوم الثلاثاء 6/4/2010 لأجد في اليوم التالي مقالاً للزميل الكاتب خلف الحربي بعنوان: (حين كبسوا علي الهيئة) يتناول فيه قصة آخر حوادث الهيئة – حتى كتابة هذا المقال – في تبوك والتي أنقذ بعض المصلين فيها فتاة محتجزة داخل مركز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أيدي رجال الهيئة وهي قصة كنت قد قرأت عنها في احد المواقع الاخبارية في النت. وتتلخص الواقعة حسب رواية الفتاة (23 عاما) ل «عكاظ» إن أربعة من رجال الهيئة أدخلوها غرفة مظلمة وحاولوا تقييد قدميها ونزع برقعها، وعندما أراد أحدهم التفتيش داخل ملابسها التي ترتديها رفضت فصفعها على وجهها لتبدأ بالصراخ الذي أثار المصلين في المسجد المجاور؟! هذه هي رواية الفتاة، ونحن بالطبع لم نسمع رواية الهيئة في هذه الحادثة، «وإذا كانت الفتاة كاذبة»، كما يقول الزميل خلف الحربي، «فإن أعضاء الهيئة هم الذين جلبوا لأنفسهم هذه الفرية حين قاموا باحتجاز الفتاة في المركز». ولقد وجه الزميل الحربي عدداً من الملاحظات أجد أنه جدير بالتأكيد عليها هنا مرة أخرى على أمل أن تجد الإجابة المناسبة من المسؤولين في الهيئة أو من أحد مشايخنا الكرام حولها: • لماذا لم يصلِّ رجال هيئة الورود مع المصلين؟ • ألا يعتبر وجود الفتاة في المركز خلوة غير شرعية؟! • هل يحق لرجال الهيئة ضرب هذه المواطنة مهما فعلت؟.. أم أنهم كانوا في حالة دفاع عن النفس؟! • وأخيراً، وهذا سؤال أضفته من عندي: هل سنجد إجابة كافية ومقنعة – هذه المرة – من قبل جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أم سيتم غض النظر عن مخالفات الهيئة المتكررة .. وبالتالي نشارك الزميل خلف الحربي في الحديث عن آخر مباريات الدوري الإسباني، خاصة وأن الحديث عن الدوري السعودي أو المنتخب تحوطه الغام لا تقل عن تلك التي تحيط بالحديث عن الهيئة وأخطائها!! لقد كان فضيلة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ واضحاً في كلمته التي ألقاها لدى افتتاح ندوة «الحسبة وعناية المملكة العربية السعودية بها» حين طالب رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدم التسلط على الناس، والبعد عن الشماتة وأن يطبقوا مبدأ الأمر بالمعروف على أنفسهم، والآخرين.. كل ما ننتظره هو أن تنتقل هذه الكلمة إلي حيز التطبيق من قبل الهيئة ورجالها. فحرام أن تضيع جهود هيئة الأمر بالمعروف الجليلة بسبب تصرفات رعناء يقوم بها بعض رجالها. [email protected]