بعد ان بلغني خبر وفاة خالي العزيز احمد محمد سحاب الغامدي شقيق والدتي الوحيد - رحمهما الله. خالي العزيز رحلتَ عن دنيانا وتركتنا فيها نجرُّ خُطانا كنَّا نؤمِّل أن نراك وإنْ نأى بكَ منزلٌ عنا وانت ترانا حتى اذا كتب الاله قضاءهُ فارقتَنَا فتعذَّرتْ لُقيانا ما عاد لي أمل بِلُقيا راحلٍ عشنا الطفولة َعنده وصبانا سبعون عاما في الحياة وسبعة صارت لعمرُك عندنا عنوانا أفنتك َأم انت الذي افنيتها لا فرق ما دام التفرُّقُ كانا؟ أطَوَيِتَ عمرك أم طواك، كلاهما يتساويان ِ وقد نأيت َمكانا؟ تمضي بنا الاعوامُ، يطوي بعضُها بعضاً، ويطوي طيُّها الإنسانا خالي العزيز، رحلت رحلة فارسٍ ركب المصاعبَ في الحياة حصانا عرفتْكَ أوقات الصلاةِ مبادراً صوت الاذان تُرتِّل القرآنا ورَاكَ شهرُ الصومِ عاشقَ صَوْمِهِ وأخا قِيامٍ ينشد الرَّيانا مرَّ الزمان كأنّما هو لحظة جمعتْ ثوانيها لنا الأزمانا وكأنَّما هو طيفُ حلم عابر لمَّا تعلقنا بهِ جَافانا سبقاكَ؛ جدِّي، والحبيبة جَدَّتي سبقا ً أَثار شجوننا وأسانا وتقدمت أمي التي من اجلنا -كانت بصدق عطائها- تتفانى رحلت عن الدنيا بنبضِ قلوبنا معها وابقتْ عطْفها وحنانا ما زلت اذكرها تحوِّلُ كفَّها حقلاً بخيرِ ثماره غذَّانا وتحوِّلُ الاهدابَ ظلا ً، كلما هبَّت رياحُ همومنا غطَّانا رحلوا عن الدنيا فصار بُكاؤُنا لغة ًتصورُ قدرَ من أبْكانا ورحلت َ أنتَ الآن مِثل رحيلهم فكأنّما الماضي يعودُ الآنا هل تلتقي الأرواح، ذلك علمهُ عند المهيمنِ خالقاً منَّانا؟ خالي العزيز، يكاد يُلجم ُأحرفي ألمُ الرحيل ِ، ويُلجم الاوزانَ وأكاد أشعر أن كلَّ إشارةٍ للذكريات تؤجِّج ُالنيرانا ماذا سأذكر من حياة ٍ كلها ذكرى، وذكرى تبعثُ الاشجانا؟ هل أذكر البيت القديم من الحصا والطين شيد أهله البنيانا؟ هل أذكر (السَّنَُّوتَ) في أحواضهِ و(بُعثرانَ) الدار و(الرَّيحانا)؟ هل أذكر الجبل الاشم وحوله شجرٌ يمدُّ غصونه خِيطانا؟ أم أذكر (الشِّعبَ الخصيبَ) ولَوْزَهُ والتينَ والزيتون والرُّمانا؟ أم أذكر(الكُرَّ) الصغير و(قُفَّهُ) و(الغَرْبَ) يصعدُ مُفعماً ملآنا؟ أم أذكر (المحَّالَ) و(الدرَّاجَ) في نَغَميْهما صوتُ المدى نادانا؟ يتسابقان و(لِلْمِقاطِ) و(للرِّشا) أَثَرٌ عميق ٌفيهما قَدْ بَانَا تلك السَّواني تَنْزحُ الماءَ الذي في الكُرِّ حتى تُنْعِشَ الأغصانا هل أذكر المَطَرَ الغزير إِذا هما سحًَّا وأذكرُ بَعْدَهُ الغُدْرانا؟ ماذا سأذكر أيُّها الغالي الذي هَجَر الطريقَ وفارق الميدانا؟ قالت: أراك حزنت، قلت لها: نعم إن الفراقَ يؤَجِّجُ الأحزانا قالت: وأين الصبرُ، قلت لها: معي فأنا أخوض بصبرَي الطُّوفانا فالصبرُ عند الصَّدمةِ الأُولى إذا حُمَّ القضاءُ، يُهدِّئُ الوُجْدانا ورضا النفوسِ بما يقدِّر ربُّها شَرَفٌ تنال ُبِنَيْلِهِ الإِحسانا ويظلَّ في لغةِ الأسى بابٌ لنا حتَّى نُعبِّر فيهِ عن شكْوانا لا بأس من حزن ٍودمعٍ، دونما جَزَعٍ، تُفَجِّر نارُهُ بركانا لا تسألي يا من سألتِ فإِن لي في كلِّّ ما سطَّرْتِهِ بُرْهانا الخالُ في نظرِ الشريعةِ والدٌ فبهِ الرسولُ المصطفى وصَّانا يا قلب خفِّف من أنينكَ راجعاً للهِ، واجعل ذكره اطمئنانا لا تجعل الحُزْنَ المُهَيْمِنَ صاحباً يعطيكَ من حَسَرَاته ِألوانا إنّ الحزين إذا تعاظمَ حزنُهُ حَسِبَ الخلائقَ كُلَّهُنَ حَزَانَى خالي العزيز، فَمُ القصيدةِ لم يزلْ متلعثماً، وفؤَادُها حَيْرَانا عَجِزَتْ وربِّكَ أن تصوِّر لوعتي أنَّى تصوِّرُ جَمْرةً ودُخانا لكنَّني أطْفَأْتُها بتصبُّري وجعلت طاعة خالقي ميزانا طيَّرتُ سرباً من دعائي صاعداً نحو السماء أُناشِدُ الرَّحمانا يا ربُ هذا الخالُ أمسى وَحْدَهُ فامنحْ له أُنساً وهَبْهُ أَمَانا وافْتح له أبوابَ رحمتِك التي تُدنِى إِليهِ الصَّفْحَ والغُفْرانا أسكنْه يا ربِّي وكلَّ موحِّدٍ سلَكَ الطَّريقَ المستقيمَ جِنَانَا