أثار قرار الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة فى مصر برفض تعيين المرأة قاضية بالمجلس جدلاً واسعاً فى الساحة المصرية، وبنفس القدر وضع أكثر من علامة استفهام خصوصا بعدما أرجأ مجلس الدولة المصري الحسم حول دوافع القرار الذى لا يعتمد على نصوص دستورية أو مواقع شرعية ، قرار رفض عمل المرأة بمجلس الدولة وصفته بعض المصادر القضائية بأنه انتصار للفكر المتشدد وهزيمة ساحقة للوسطية والاعتدال فى الفكر الدينى المصري ، وأن القرار أعاد المرأة المصرية 60 عاما للوراء. ومن اجل التعرف على وجهات النظر المختلفة في هذه القضية التقت (المدينة) بعدد من الفعاليات المصرية التي ابدت رأيها في الموضوع. حيث كان من بينهم المستشارة تهاني الجبالي أول قاضية مصرية ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا والتي قالت : ارى أن قرار الجمعية العمومية والمجلس الخاص بمجلس الدولة يعد ضربة قوية لمكتسبات المرأة وعودة للخلف نحو مزيد من التشدد الدينى والانغلاق الفكرى مضيفة ان الخطورة تأتي هذه المرة من مؤسسة عريقة تقودها قيادات فكرية ، كما ان القرار يهدد حقوق نصف المجتمع رغم انه لا يوجد نص قرآنى يمنع عمل المرأة بالقضاء ، وزادت أن القرار يرجع فى تقديرى إلى التشدد الدينى الذى بدأ ينتشر فى المجتمع وبنفس القدر بين قضاة مجلس الدولة الذين استعانوا بالفتاوى والنصوص المتشددة التى تمنع تولى المرأة القضاء. نافية مزاعم البعض حول مشقة العمل بالقضاء بالنسبة للمرأة قائلة: أن التوفيق بين العمل والواجبات المنزلية لا يوجد بينهما تعارض ولا يحتاج إلى عبقرية للتوفيق بينهما ، شأنه شأن أى موقع قيادي تتولاه المرأة وتقوم بالتوفيق بين الاثنين ، وأضافت أن الرأى القائل بأن رقة المرأة لا تؤهلها للعمل بالقضاء هو رأى ساذج وسطحي، وأن رقة المرأة لا تتعارض مع مهمة القضاء ، والقاضى سواء كان رجلاً أو امرأة يملك عقلا وقلبا ووجدانا ، وأن التركيبة الإنسانية السوية ان يكون الوجدان فى علاقة حميمة مع العقل والويل كل الويل أن يكون القاضى بلا قلب سواء كان رجلاً أو امرأة لأن القضاء عمل مؤسسى وليس فردياً. مستشهدة بوجود 1500 عضو نسائى يعملن فى هيئة النيابة الإدارية يمثلون 45% من عدد أعضائها البالغ عددهم 3500 عضو كلهن يمارسن العمل بجدية ولم تسجل أية ملاحظات حول أدائهن المهنى ، وهناك أيضا 32 قاضية فى مختلف مستويات القضاء العادى (جنائي - مدني - محاكم اسرة) لم يسجل التفتيش القضائى اية ملاحظات على عملهن. ويشاطرها الرأي المستشار رفعت السيد رئيس نادى قضاة أسيوط«جنوب مصر» بقوله أن رفض تعيين المرأة فى مجلس الدولة هو دعوة لدعاوى " الحسبة" وهو الجهة التى تراقب عمل القضاة ان كان هناك اية ملاحظات على عملهم. تأييد مطلق للمرأة : من جانبه نفى المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض السابق أن يكون التشدد الدينى هو المرجح لقرار مجلس الدولة رفض تعيين المرأة بالمجلس ، مشيراً إلى ان المجلس سبق وأن دافع عن المرأة وكان ذلك عام 1949 عندما تقدمت عائشة راتب للعمل بمجلس الدولة ووافق الفقيه القانونى عبدالرازق السنهورى ولكن وزارة الحقانية آنذاك رفضت وتحول الأمر إلى أزمة ناقشها مجلس الوزراء واصدر قرارا بأن الوقت غير مناسب لتعيين المرأة بمجلس الدولة. مضيفا ان مجلس الدولة دخل في مواجهة مع وزارة الداخلية منذ سنوات بسبب قرارها بمنع سفر الزوجة للخارج بدون إذن زوجها وألغى مجلس الدولة قرار الداخلية وزيادة فى نفى التشدد الدينى داخل مجلس الدولة أن المجلس الخاص بمجلس الدولة قام بتعيين المستشار نبيل مرهم القبطى الكفيف رئيس محكمة مجلس الدولة. فوضى خلاقة ومخالفة دستورية : وكان الرأي الأهم الذي جاء من معظم قضاة مصر ومن مختلف الهيئات القضائية الذين اجمعوا على القول بعدم وجود موانع دستورية أو شرعية لعمل المرأة بالقضاء حيث وصف المستشار صدقى خلوصى رئيس هيئة قضايا الدولة سابقا القرار بأنه نوع من الفوضى الخلاقة ، وقال انه يتعارض مع نصوص الدستور التى يحظر التمييز فى العمل وان هيئة قضايا الدولة بها 138 خاصية ولم ألاحظ أية فروق بين عمل الرجال والنساء ولم تسجل ملاحظات تقول بعدم كفاءة المرأة. وأيده المستشار سمير البدوى رئيس هيئة النيابة الإدارية موضحا أن الهيئة بها 1500 عضوة يعملن بكل كفاءة وجد. انفراج الأزمة : وبعد كل هذا الجدل المحتدم اثر هذا القرار فإن مختلف الاوساط تنتظر متلهفة انفراجا مرتقبا للازمة معولة ذلك على قرار المجلس الخاص بإعطاء مهلة ثلاثة شهور للدراسة وإصدار القرار حيث تعد هذه المهلة فرصة للخروج المشرف لأعضاء الجمعية العمومية الموافقة على تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة وينهى أزمة تجددت بعد مرور 60 عاماً منذ بروزها أول مرة مع رفض تعيين عائشة راتب والتي أصبحت أحد فقهاء القانون بكلية الحقوق بجامعة القاهرة ثم تولت منصب السفيرة والوزيرة وأيضا عضوية اللجنة التشريعية بمجلس الشعب.