في غمرة الفرح بالثوب الجديد الذي لبسته «المدينة» هذا المنبر الإعلامي الذي له دور ثقافي واجتماعي يضطلع به في ضل السياق والمشهد الحضاري والفكري والثقافي لهذا الوطن، ومع إطلالة فجر يوم الاثنين 6 ربيع الآخر 1431ه لبست صحيفة المدينة ثوبها الجديد مطرزاً بعبق الفرح روح الفريق الواحد وصدرت لتراها أعين الناس بكل فرح بجهود النماذج الإعلامية المضيئة التي تعمل بها والتي أحدثت تناغماً رائعاً تحريراً وصياغة، وكأن جميع العاملين يرفعون أصواتهم بإصرار وعزيمة ويقولون.. إن النجاح له مقومات ثابتة ومعروفة لا يتحقق بدونها وهي تتلخص في كلمتين الصبر والإرادة. وقد خرجت المدينة طرحاً متميزاً ورؤية عميقة وصادقة وملتزمة فالمسيرة التطويرية والتألق الأنيق الذي صاحب مسيرتها الصحفية بلاشك كانت في اهتمامات مجلس إدارتها ورئاسة تحريرها وجميع العاملين بها، ومن هنا جاء العطاء الذي يتفق وعشقهم ومحبتهم للمدينة لأن الإيمان بقضية ما لابد أن ترتبط بمن يؤمن بها ويترجمها على أرض الواقع وهكذا كانوا. وتتقاذفني الذكريات إلى ذلك الزمن الجميل إبان المرحلة الجامعية منذ أكثر من عشرين عاماً عندما يتم توجيهنا للتدريب العملي في الصحافة آنذاك في بعض الصحف، وقفز إلى ذاكرتي اليوم الأول الذي أتيت فيه إلى المدينة الجريدة وإنني بكل اعتزاز لقيت كل اهتمام وصدق في التعامل والجميع كانوا يبذلون المهنية الصحفية لنا بكل ثقة وأمانة وشفافية وكان الاهتمام بمثابة الخطوة التي حركت فينا ذلك العشق. تعلمنا منهم أن الإعلام لغة العصر وهو انعكاس لمجريات الأحداث على كافة المستويات، وتعلمنا منهم أن الأقلام الحرة الشريفة التي تستمر وتصمد أمام المرجفين، وتعلمنا أيضاً أن الصحافة ليست مكاناً لإثارة النعرات وإيقاظ الفتن أو الانحياز لفكر أو توجه. تعلمنا من المدينة أن الكتابة يجب أن تكون بمكاشفة ووضوح ونقد بناء وتقبل الآخر حتى تسود عناصر السلام وتدنو مصطلحات الديمقراطية وحريه التعبير وحق النضوج الفكري لنخرج في النهاية بمصطلحات الوضوح والمكاشفة وهي الإنجازات في هذا العصر الحديث. نعم وبكل الحب كان ارتباطنا ولازال بهذا المنبر وجدانياً، والذاكرة تحتفظ في مساحة مضيئة بها بكثير من العطاءات والذكريات في هذه الصحيفة «المدينة»، فهذه الجريدة تاريخها الإعلامي والصحفي معروف فقد أنشأها في المدينة علي وعثمان حافظ في عام 1356ه، وقد كانت جريدة أسبوعية.. تطبع في مطبعتها الخاصة. وقد أشرف على تحريرها هيئة مكونة من أمين مدني وضياء الدين رجب ومحمد زيدان وعلي حافظ، وفي بادئ الأمر تولى أمين مدني رئاسة التحرير مدة بسيطة وتضاءل حجمها بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ولم تلبث أن احتجبت في عام 1941م، ولم تعد إلى الصدور إلا في 1947م، وستستمر في الصدور دائماً وأبداً لتكون حاضرة في كل المحافل، تحية تقدير لكل من شارك في صنع هذه الرؤية التطويرية وهذه الحرفية المهنية.