مَن يجيبني بهذا الليل المغطى بأشرعة الكآبة؟ سألت البحر في غياب المجيبين، لمَ أنت أيُّها البحر تغرينا برحابة صدرك الواسع، وتجاذبنا مرآتك الماثلة بجلاء السماء.. فتجعلنا نرتمي على أهدابك، ونذهب على امتداد مسافاتك كل مذهب بأخيلتنا؟ هل أنت أيُّها البحر، وجه الخديعة؟! بملامح جنة تنتظر من يقبل إليك.. لتفعل به كما تفعل بالصدف الملقى على شاطئك بلا حياة؟ أم أنك أيُّها البحر، سر من أسرار الكون، لا ترحم حتى تعذب من جاء يريد أن يفهمك؟ أم أنك وأني ماء وإنسان لا يجمعنا سوى نبض القلوب؟ أم أنك هكذا بالاعتبار تجيب السائلين، لا بالكلام، أيُّها البحر؟ أراني مزجت بمائك أسئلتي، وأصبحت بك مخلوط اللون والدم.. أسمعك تجيبني بعد سكونك أيُّها البحر تقول: أراك غارقًا في هذيانك أيُّها السائح، فما أنا إلاّ بحر أدعو وأغري وأمنّي المحمومين بالبراء، فإن شئت الشفاء فاذهب حيث الشفاء، وإن شئت الشقاء فهذه أمواجي لا تكل ولا تشقى.. لقد اخترت أيُّها البحر أن تظل بحرًا بلا ظل، واختصرت أنا الطريق كإنسان بعيد.. بعيد.. عنك أيُّها البحر.