اظهر تقرير صادر عن منظمة الشفافية الدولية ان المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة 80 من ضمن 180 دولة تسعى الى محاربة الفساد ، وأنها تحتل المرتبة الثامنة عربياً وخليجياً في نفس المضمار . وهذا مؤشر على مسألتين هامتين هما : اولاً : ان الإجراءات التي تتخذها السلطات المعنية نحو مكافحة الفساد ووأده في مهده بحاجة لبعض الوقت لكي تؤتى ثمارها . ثانياً : ان الفساد مستشرٍ ومستوطن منذ زمن طويل وإلا لما حلت السعودية في هذه المرتبة حسب تصينفات منظمة الشفافية الدولية . وبما ان عمليات الفساد تجري عادة في الخفاء وبمعزل عن أي اثباتات دامغة فإن من الصعوبة بمكان الإلمام بحجمها بشكل دقيق ، وهذا ما دفع ببعض الخبراء الاقتصاديين الى وضع تقديرات حسابية ترجح ان خسائر السعودية من مرض الفساد المستشري منذ زمن طويل قد وصلت الى نحو 3 تريليونات ريال مما يعني ضياع هذه الثروة التي كان يجب استثمارها في عمليات التطوير والتحديث في سائر القطاعات ، كما يعني ذلك حرمان العاملين والموظفين من زيادة عائداتهم حيث يبين تقرير صادر عن البنك الدولي ان تقنين الفساد وتحقيق الشفافية في الدول النامية من شأنهما ان يزيدا من رواتب الموظفين بنسبة 400 في المئة لأن من العواقب المترتبة على الفساد زيادة تكلفة المشاريع وحرمان الشركات من المنافسة وهروب المستثمرين وفقدان الثقة في القانون . والفساد ليس فقط تلقي الرشاوى وسرقة اموال الدولة بل للفساد اوجه اخرى مثل عدم احترام الموظف لدوام العمل ، وامتناعه عن اداء عمله المطلوب منه ، والتراخي وعدم بذل اي جهد ، وعدم الالتزام بأوامر وتعليمات الرؤساء ، وعدم الميل الى التطوير والابتكار ، وعدم تحمل المسؤولية . من هنا فإن اجراءات المحاسبة يجب ان تشمل كل هذه المجالات من منطلق ان لا اهمية لواحدة دون الأخرى . كما ان اجراءات المحاسبة يجب ان تطال كل الأشخاص اياً تكن درجة وظيفتهم خاصة . وبهذه الإجراءات الحازمة لولاة الأمر تجاه المحافظة على مكتسبات الوطن بمفهومها الشامل ستظهر - في القريب العاجل إنشاء الله - كافة تقارير منظمة الشفافية الدولية حصول المملكة على مرتبة متقدمة نحو محاربة الفساد بيد من حديد ...وهذه مسئولية يشترك فيها المواطن والمسئول كل من موقعه ..فالإرادة السياسية لايمكن أن تحقق أهدافها دون توافر الآلية الصادقة منا جميعاً ..فوطن لا نحمية ونحمي مكتسباته ...لانستحق العيش فيه وفي رغده . [email protected]