من النادر أن يتفق الناس على محبة إنسان ولا يختلفون أبداً على تعداد سجاياه الحسنة الرائعة لأن الناس جبلوا على الاختلاف وتباين الآراء.. والرائد الأستاذ الكبير محمد صلاح الدين هو من هؤلاء الذين أكرمهم الله بحضور رائع يستحوذ على المحبة وينفذ إلى القلب بلا استئذان.. دائم الابتسامة جم التواضع رفيع الخلق يستمع أكثر مما يتكلم يمتص غضب المحاور ومن يختلف معه فقد عاصرته في زمالة تحرير مجلة الطيران المدني وقبلها حضرت له اجتماعاً كان يناقش الإعداد لفكرة شركة توزيع مساهمة وقد حاول أحدهم استفزازه والتطاول عليه ولم يدر بخلد أحد من الحاضرين أن يمتص أبو عمرو غضب المتحدث الذي طلب الحديث مداخلة على كلام الأستاذ.. فما كان من أستاذنا - كعادته - إلا شكر المتحدث والثناء على دوره ومشاركته جانباً من الرأي حول موضوع الندوة أو الاجتماع.. والأمثلة كثيرة تؤكد بأن الأستاذ/ محمد صلاح الدين لم يؤت فضل الريادة في الصحافة فحسب بل أكرمه الله بحسن الخلق وهو من الصفات التي تقرب المرء من سيد الخلق عليه الصلاة والسلام يوم القيامة.. وكذلك فإننا لم نجد من الرجل يوماً الرغبة في الحديث عن نفسه ومن تتلمذ على يديه في الصحافة ومن زامله من الكبار فهو لا يحب المن والأذى كما يفعل الكثيرون وهم أقل مكانة ودوراً في الصحافة والحياة العامة، وصفة أخرى للأستاذ وما أكثر صفاته الرائعة فالرجل إن قصدته في آمر يلبي فوراً ويجاهد للمساعدة ولا يتردد في العون وبذل المعروف. وعلى كثرة ما واجهه من عقبات ومعوقات في أعمال النشر سواء للكتاب أو بعض المجلات التي توقفت عقود نشرها معه دون وجه حق أو مبرر فإنه من النادر أن يشتكي بل تجده يحمد الله ويبتسم وتلكم الطمأنينة قلما تجدها في بيئة أعمال اليوم أذكر له وكنت صغيراً أرافق والدي الشاعر الراحل محمد إبراهيم جدع -رحمه الله- في زيارة لمكتبة الدار السعودية (العتيقة) في شارع الملك عبد العزيز في جدة شمال غرب مؤسسة النقد كيف كانت أريحيته واهتمامه وهو يستجيب لطلب والدي الذي عرض ديواناً من دواوين شعره في مكتبة الدار وحدث معى عندما ألفت كتابي (خفايا الحب والزواج) أن بادر فوراً بطباعته واجتمعت به في مكتب الدار السعودية بالبغدادية وكان دوماً سهلاً ليناً في التعاقد والتعاون... إن الحديث عن أستاذ الجيل محمد صلاح الدين الدندراوي لا ينتهي ولذلك أضم صوتي لصوت الأستاذ الدكتور عاصم حمدان صاحب الوفاء دوماً - مطالباً تكريم الأستاذ وهو جدير بالتكريم في أكثر من مجال وتخصص في الصحافة، ونشر الكتب والمجلات المتخصصة فهو صاحب المبادرة الرائدة في إصدار مجلة للطيران العربي وأسأل الله العلي القدير ألا يوقف له قلماً أو يسكت له حساً وأن يمدّه بالصحة والعافية إنه سميع مجيب.