التعليم الأهلي في هذه البلاد له تاريخ عريق ومشرق وكان له أكبر الأثر في ترسيخ أقدام التعليم والوعي والثقافة الراقية في معظم أرجاء هذا الوطن ، ويكفي الاطلاع على أي كتاب عن تاريخ التعليم في المملكة لنتعرف على الدور العظيم الذي قام به في تسطير صفحات ناصعة من التعليم المتميز فعلا لا ادعاء ، ومعروف ما قام به الأهالي في فتح أبواب العلم والمعرفة في كثير من أرجاء وزوايا هذا الوطن العظيم. ورغم الصور المشرقة عن تاريخ التعليم الأهلي في بلادنا الغالية إلا أن ثمة ثغرات في الحاضر باتت تشكل بؤرا لتشويه تلك الصفحات الناصعة ، ومصدر تلك الثغرات موزع على طرفين هما وجه العملة ، فالطرف الأول هو المؤسسة التعليمية الأهلية ، والطرف الآخر هم أولياء أمور الطلاب الذين يعتبرون الرافد الرئيس لتلك المؤسسات ، وتشكل العلاقة بين الطرفين حجر الزاوية في سلامة ما قد يحدث من خلل في سير التعليم ، ومن المشاهد والمعروف أن معظم أولياء الأمور يعتقدون أنه طالما يدفعون من جيوبهم لهذه المؤسسات فمن الضروري ضمان النجاح وبامتياز لأبنائهم ، وليس معقولا أن يتورط أبناؤهم في فخ الرسوب أو الحصول على تقديرات ضعيفة لا ترضيهم . كما أن المؤسسات الأهلية نفسها – كلها أو معظمها – أصبحت في قفص الاتهام بأنها تبحث عن التميز بارتفاع نسبة الناجحين والمتميزين من طلابها ولو على حساب الجدارة الحقيقية ، وقد يسعى بعضها إلى نيل الأوسمة وجوائز التفوق دون اعتبار للقيم أو المبادئ ، وقد حدث في بعض المدارس عمليات تغشيش مباشرة من قبل المسؤولين فيها ، وهذا ما سمعته على لسان أحد المعلمين الذي كان يتحدث عبر إذاعة البرنامج الثاني قبل فترة ، وهي قصة أصبح لها تكرار في مواقع مختلفة من بلادنا . ترى هل تضمن مثل هذه الصور المشوهة أمانا تعليميا للمجتمع عامة ولأبنائنا خاصة في الحاضر والمستقبل ، وهل التشجيع والدعم القوي الذي يجده التعليم الأهلي من الدولة يكافأ بتدني درجة الأمانة من لدن هذه المؤسسات التعليمية الأهلية ، وهل الإصرار على خصخصة التعليم من لدن الجهات الرسمية المسؤولة يعني القضاء على ما تبقى من جودة حقيقية للتعليم ، وهل هذه هي مؤشرات على مستقبل معتم لأبنائنا وبناتنا ..؟