العالم الجليل والوالد الكبير الشيخ المغفور له إن شاء الله عبدالعزيز ابن باز كان له بصمة واضحة في العلم الشرعي والدعوة إلى الله كان مثالا في التواضع ولين الجانب وإيجاد العذر للمسلم ولا يتصيد الزلات. حضرت في مجلسه أكثر من مرة في منطقة الديرة بالرياض بالثمانينيات وتذكرت وانا اجلس بجانبه على الأرض في مجلسه المتواضع انه رمز من رموز الأمة الإسلامية في علمه وحكمته وتواضعه وبساطته. فهو يغضب لدين الله وغيرته على دين الله ولا تأخذه في الحق لومة لائم،فادعو الله جل وعلى ان يهبه منزلا في الفردوس الأعلى بالجنة. لاحظت في الفترة الأخيرة ظهور الباحث الشرعي فضيلة الشيخ احمد بن عبدالعزيز ابن باز على العلن في خطاب ديني جديد يختلف عما تعودنا عليه من المؤسسة الدينية لدينا للمئة عام الماضية، ومن حقي وحقنا كقراء معرفة الدوافع التي جعلت الشيخ احمد ابن باز ينهج هذا المنهج؟ومحاولة التكهن بها. فهنالك من يقول بأن الشيخ احمد أراد بذلك إعادة عائلة الباز إلى الواجهة في المكانة الدينية التي تزعمها والده المرحوم بعد أن حظيت بعض الأسماء بمكانة بالمؤسسة الدينية، بينما يقول آخرون بأن الشيخ احمد أدرك الحالة الملحة لظهور خطاب ديني معتدل يعيد المملكة إلى مكانتها السابقة في المجتمع الدولي بما فيه الإسلامي بعد الضرر الذي لحق بها من جراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر. بينما يرى آخرون بأن الشيخ احمد اقتنع بخطأ بعض الممارسات من المؤسسة الدينية بكافة أقسامها وإظهار العادات والتقاليد وكأنها من ثوابت الدين إضافة إلى إضفاء القدسية على بعض الأشخاص وهذا خطر على الدعوة والدين. أما وجهة نظري الخاصة فإنني أرى بأن الشيخ احمد ابن باز لم يكن دافعه الظهور أو الحصول على مكانة في المؤسسة العلمية ولكنه قرر أن يكون مجدد العصر مستمدا ذلك من مدرسة والده وما توصل إليه من بحث شرعي وفقهي فهو من جيل الشباب و يختلف عن فكر سابقيه من كبار السن الذين يهيمنون على مفاصل المؤسسة الدينية السعودية ومجال الاختلاف هو بفارق السن أولا وثقافته واطلاعه الواسع وتحكيم العقل وان الدين ليس حجر عثرة في تقدم الأمم وإنما عامل مساعد لها ثانيا، وهو بلا شك اعتمد على الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم(عندما قال يبعث الله كل مائة عام من يجدد لهم أمور دينهم) فالتجديد المقصود هو في إعادة قراءة نصوص وأحكام الفقه ووضعها بصيغة تناسب العصر الحالي ومستحدثاته ومتغيرات الحياة دون الوقوع بالمحظور مع الأخذ بالاعتبار التبسيط على الناس في امور دينهم وممارساتهم اليومية عندما يكون الأصل في الشرع الإباحة والخروج من قوقعة درء المفاسد!! والتي اتخذها بعض العلماء والفقهاء مخرجا لإيجاد جواب لبعض مستجدات العصر. ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف من بعده لم يكن هنالك وجود للسيارة او الطائرة او القطار ولم تكن البنوك والانترنت والهاتف موجودة وكان السفر قديما نوعا من العذاب والمشقة بينما الآن أصبح نوعا من أنواع المتعة، كما انه لم يكن هنالك مستشفيات ولا جامعات ولا نساء عاملات ولا خدم و سائقين في كل منزل وشقة، ولم يذكر لنا التاريخ أن الرجال يبيعون مستلزمات النساء ولا السائق غير المسلم يباح له الخلوة غير الشرعية مع المرأة المسلمة داخل سيارة مظللة يقطع بها الفيافي والقفار. الشيخ احمد ابن باز أطال الله في عمره تبصر في أمر مجتمعه المسلم ورأى الكثير من التناقضات والمستجدات وأدرك بأمور الجاهلية الأولى تطل برأسها، فهناك اسر تفرق لعدم تكافئ النسب ونساء تقضي عمرها تراجع المحاكم إما لطلاق أو نفقة أو لحمايتها من العنف ،ورأى صغيرات تزف لكهول ورأى النساء محرومات من العمل الشريف ونساء عانسان وثلاثمائة ألف عاطل من حملة الثانوية والجامعة ورأى أناس يتخذون من الدين ذريعة للحصول على ثلاث وظائف ورأى العمالة الوافدة من شرق آسيا يعتلون منابرنا ورأى بعض منسوبي الهيئة لا يعلم أن جمع ست نساء حرام!! ورأى من يقوم بمضاجعة النساء في غطاء الرقية الشرعية وقرأ ذلك المقيم الإمام الذي يعقد زواج المسيار بالساعة واليوم هذه التناقضات وغيرة الشيخ احمد ابن باز على دين الله دفعه الى الظهور بهذه الافكار النيرة معلنا ذلك للملأ دون خوف او مجاملة فهو لم يعتمد على الاجتهاد وحدة الصوت في مكبرات الصوت ولكنه اعتمد على ماتوصل اليه من البحث العلمي مقيما الحجة على من يحاول تشويه الدين وتشويه خطابنا الديني. أنا استطيع أن اسمي الشيخ احمد ابن عبدالعزيز ابن باز هو مجدد العصر وأدعو الله ان يجعله امتدادا لنور والده ووالدنا المرحوم عبدالعزيز ابن باز طيب الله ثراه.وان يكون على يديه بداية نهضة جديدة يسود بها الإسلام العالم كما ساده من قبل بعيدا عن التعصب والغلو والتطرف ومادام الشيخ بهذا الفكر والعلم والشجاعة فهل يلبس فضيلته العقال؟؟ ليقول للآخرين ان الدين ليس شكلا وإنما جوهر ومعاملة حسنة ،، والسلام. • كاتب وناشط حقوقي