إن السير خلف الآخرين خطوة خطوة ، حتى لو دخلوا مداخل ضيقة ومهلكة ، وعملوا أعمالاً لا خير فيها ، ولا معنى لها – لم يتحقق في عصر من العصور كتحققه في هذا العصر ، ومعظمنا يعرف حديث دخول جحر الضب ودقة التشبيه فيه ، فهو يشير إلى أمم تقود ، وشعوب تتبع .. فأين موقعنا ياترى ؟!! كثيراً ما حدثت بعض الانقلابات الكبرى في مجتمعنا المسلم والتي يسبقها عادة مرحلة التنظير = نشر الأفكار ، ويتزعمها روداها ، من بينها الانقلابات بشأن (المرأة) فقد جاءت عدة أفكار ووسائل ممهدة لتنفيذ خطة إفساد المرأة المسلمة (السعودية)- على الأخص – ، ولعل آخرها قضية ( الاختلاط ) حيث قرأنا أن مجلس الشورى شرع في مناقشة نظام جديد يكبح جماح المتحرشين جنسياً بعقوبات ستطبق بحق المتجاوزين تصل في حدها الأقصى إلى السجن ثلاث سنوات، وتغريم المتحرش 100 ألف ريال، في الوقت الذي لا يفرق مشروع الدراسة بين ما إذا كان المتحرش رجلاً أو امرأة ) ومعلوم أن الاختلاط بين الجنسين هو الشرارة الأولى لمشكلة التحرّش والابتزاز؛ فقد ورد الإلماح إلى ذلك في أحد فقرات مسودة النظام ما نصه : {توفير بيئة عمل يحاط فيها الاختلاط بين الجنسين بالضوابط الشرعية} !! وهذا يدل على أن بعض التنظيرات ، والأفكار المستوردة قد بدأت تسري ، لذا فإن إقرار هذا النظام يعني أننا نشرع لبيئات عمل مختلطة قسرية وليست اضطرارية كما هي في الأسواق أو الأماكن العامة مثلا , ويعني أننا نعترف بالاختلاط في القطاع العام والخاص , وهذا يتنافى مع التعاليم الإسلامية والأعراف الاجتماعية , ويعتبر انتهاكاً للشرع وانتهاكاً للنظام الأساسي للحكم ولرغبتنا نحن النساء فنحن من سيتضرر بإقراره .. إن الغرب بعد أن عاش النتيجة الطبعية لوجود نساء مع رجال في مكان واحد لمدة طويلة – ألا وهي الميل الغريزي والفطري غير المنضبط من الرجل تجاه المرأة - ، بدأ بالمناداة بالفصل بين الجنسين في أماكن العمل ، حلاً لهذه المشكلة ؛ فهذا الانجليزي (سامويل سمايلس) وهو من أركان النهضة الانجليزية يقول : ( إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل ، مهما نشأ عنه من الثروة فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية ؛ لأنه يهاجم هيكل المنزل ، ويقوض أركان الأسرة ، ويمزق الروابط الاجتماعية ، ويسلب الزوجة من زوجها ، والأولاد من أقاربهم ، وصار لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة) فإن كانت إجراءات الاختلاط المقصودة مشابهة لما هو في الغرب فإنهم لم يدعوا إلى مشاركة المرأة في الأعمال التي تناسب طبيعتها الجسدية والنفسية والعاطفية ، كالعمل في القطاع الاجتماعي والتعليمي والصحي وما شابه ذلك ، بل دعت إجراءتهم إلى مشاركتها في كل مجالات العمل التقنية والمهنية – التي لا تتفق – مع طبيعتها الأنثوية ، ووجهت الرجل - عكس ذلك – إلى العمل في القطاع الاجتماعي !! ونحن لسنا ملزمون لأن نطبق ذلك ؛ ففي الغرب الأب غير مكلف بالإنفاق على ابنته إذا بلغت 18 من عمرها ، إضافة إلى أن البخل والأنانية شديدان عندهم ؛ فهم لا يقبلون أن ينفقوا على من لا يعمل ، كما أنهم أناس يحيون لشهواتهم ، فهم يريدون المرأة في كل مكان ، واضطروا إلى إخراجها من بيتها لتكون معهم ولهم .. تلك هي بعض أسبابهم التي دعتهم إلى إخراج المرأة واختلاطها ، أما نحن غير مجبرون على الاختلاط في أماكن العمل ، فقد تعلمنا وأنجزنا في بيئة آمنة ولله الحمد ، ولسنا بحاجة أن يصبح الواقع الغربي هو الدستور والمثل الأعلى حتى ننساق خلفه ؟!! نريد أن نبقى كما كنا ( دولة فريدة متميزة ) فنحن نحظى بنوع من الخصوصية في الصورة الذهنية المنطبعة لدى الغربيين ، في وقت لم يتمكنوا من هضم وتفهم وضعية مجتمعنا الذي لا ينفصل فيه ديننا عن دولتنا ، لأن ديننا تغطي أحكامه كل حياة البشر، وفي جميع أطوارها ..لذا يا معالي الرئيس ويا معالي النائب ويا أعضاء مجلس الشورى الأفاضل : إن المضايقات والاعتداءات الجنسية ستزداد –حتماً - فيما لو تم إقرار هذا النظام ، ولعلكم تطلعون على نظرية ( التحرر الجنسي ) للأمريكية إيما جولدمان في كتابها الابتزاز الجنسي ؛ لتروا حجم الآثار والمخاطر التي ذاقوا مرارتها منذ التحاق المرأة الغربية بالعمل في الأماكن المختلطة منذ ظهور الرأسمالية ..خلاصة القول : إن في تشريع هذا النظام سيكون الانحلال والفسق أمراً طبيعياً مألوفاً ؛ ونحن لا نريد هدى شعراوي مرة أخرى!! نسيم الصرِّيصري – العيص