نظراً لحساسيّة الحاضر، وجَرحه الظَّاهر، وعطره السَّاخِر، فإنَّ نقده مَشوب بالألغام، والكِتَابة عنه مَحفوفة بتَأويل الكَلام، والإشارة إليه لا تَخلو مِن استفسار أو استفهام! لذا سيَكون القلم في حلٍّ مِن الكِتَابة عنه، أو توصيفه، لنأخذ رَاحة في الرّجوع إلى الماضي القريب، ومَن يدري.. «فإنَّ الحَاضر ضيعة المَاضي»، ومَن يدري –أيضاً-.. «فإنَّ الأمس قَد ألقى بظِلاله وأخطائه على ما هو مُعاش ومُشاهد! إنَّ السُّؤال الكبير الذي قَفز إلى الذِّهن – بعد أن أخطأ كَاتِب عربي؛ وكَتبَ مقالاً يُخالف «توجّهات بلده وقيادته، ثم اعتذر عن ذلك»، سُؤال قَفز إلى الذَّاكرة مَفاده: «هل الدّولة -أي دولة- تتدخَّل في الإعلام؟!.. بمَعنى آخر، هل الإعلام مُسيّر أم مُخيّر؟! هذا السُّؤال مِن الصّعوبة بمكان الإجابة عنه وفق الحاضر، ولكن سنَعود إلى المَاضي القريب.. وليَكُن المُجيب رئيس تحرير سَابق، ألا وهو الأستاذ الشُّجاع «ناصر الدين النشاشيبي»، رئيس تحرير صحيفة «الجمهوريّة»، ذلكم الفلسطيني الذي أحضره الرَّئيس «جمال عبدالناصر» مِن القدس، ليكون رئيساً لتحرير واحدة مِن أكبر صُحف مصر.. يقول «النشاشيبي» عن علاقة الرئيسين «جمال عبدالناصر» و»محمد أنور السادات» بما يُنشر: (كان الرئيس «جمال عبدالناصر» يُراقب صُحف مصر، ويُعلن ذلك على العَالَم، وكان يُبرِّر قيوده على الصَّحافة المصريّة بأنَّه يُدافع عن ثورته ونظامه، وكان يعترف بأنَّ صحافة مصر ليست حُرَّة، وإنَّما تخضع لمبادئ العهد القائم؛ الذي يُؤمن به! أمَّا الرئيس «محمد أنور السادات»، فإنَّه كان يُقيِّد الصَّحافة المصريّة بالحَديد، ثم يَتغنَّى بحُريّتها، فيَطرد الصَّحفي عند مُنتصف الليل، أو يَمنعه مِن الكِتَابة، ثُمَّ يُبرِّر ذلك بأنَّ الشَّعب هو الذي يُقرِّر ويَحلم! ويُغلق الصُّحف ثم يَنسب الأمر بإغلاقها إلى مَجلس الشَّعب)..! وحتَّى لا يتعجَّل رقيب أو حسيب، أو يهمز ويلمز قارئ خبيث، سأقول: إنَّني نقلت النَّص من كِتَاب: «حَضَرَات الزُّملاء المُحترمين» ل»ناصر الدين النشاشيبي»، وهو شاهد مرحلة، والكِتَاب مُتوفِّر في مصر، قبل أن يكون في أي بلد آخر! حسناً.. ماذا بقي..؟! بقي القول: إنَّ ما قاله رئيس تحرير صحيفة الجمهورية المصريّة السَّابق «ناصر الدين النشاشيبي» جدير بالتَّأمُّل والدِّراسة، ليس فقط فيما يخصّ التَّدخُّل في النَّشر مِن عدمه، أو حماية المبادئ، بل بما فيه مِن فعل الأفاعيل، والزَّعم بأنَّ ذلك يُمثِّل إرادة الشَّعب ورغبة المجموع!. والله مِن وراء القصد،،،