أداة ربط الملابس (السستة) والفازلين والفياجرا والأنسولين وقلم الحبر الجاف وغيرها كثير من الابتكارات والإبداعات إنما كانت نتاج أناس اهتموا بنمو المعرفة واكتشاف الأشياء وكيفية النظر إليها من خلال المعرفة والفهم الجديدين. مثلا قلم الحبر الجاف من ابتكار الأخوين لاديسلو وجريج بيرو عام 1938م جاء بعد أن ضاق أحدهما ذرعا من تعبئة أقلامه بالحبر السائل ومن تصحيح بقع هذا الحبر على الورق، وبالرغم من تسميتهما له بالرأس الكروي Ballpoint إلا أن كثيرا من الدول ما زالت تطلق عليه قلم بيرو. يعرف التفكير الإبداعي بأنه القدرة على اكتشاف علاقات جديدة أو حلول أصيلة تتسم بالجدة والمرونة، وهو نشاط عقلي مركب هادف توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول أو التوصل إلى نواتج أصيلة لم تكن معروفة سابقا. يتميز التفكير الإبداعي وفق ما يراه جيلفورد بالطلاقة (قدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار خلال وحدة زمنية محددة)، المرونة (توليد أفكار كثيرة ومتنوعة)، الأصالة (أفكار غير شائعة مبتكرة متفردة بها طرافة وغير مباشرة)، والحساسية للمشكلات (تحليل الأفكار وتركيبها وإعادة بنائها وتنظيمها). لا شك ان هناك عوامل داخلية لإبداع الأشخاص أو المجموعات مثل تقبل الأفكار الجديدة وحب الاستطلاع والاستقلال في الرأي والمثابرة والمخاطرة وغيرها، كما أن هناك عوامل خارجية منوطة بالبيئة المحيطة التي تشجع التعبير الحر للأفكار وتقبل الأفكار التلقائية الخارجة عن المألوف وتقديم المساعدة لتطوير الأفكار وخلافها. هل أنت شخص مبدع؟ كل إنسان وهبه المولى عز وجل القدرة على التفكير فهو قادر على الإبداع بدرجات متفاوتة بين البشر، ولا يرتبط ذلك بمستوى ذكاء الإنسان كما يقول بعض علماء النفس، مع ما لاحظته الباحثة الأمريكية كارسون من ازدياد الإبداع مع درجات الذكاء حول 130 نقطة (متوسط طلاب جامعة هارفارد) وبازدياد حتى 150 نقطة، وبتهوفن مع كل عبقريته الموسيقية إلا أنه كان يصعب عليه حل المسائل الرياضية مع اجتهاده في محاولة حلها. والآن لتعبر إلى عالم الإبداع ينصحك البروفيسور توم ساعاتي من جامعة بتسبرغ الأمريكية أن تتصف ببعض الصفات فتكون كبير القلب وكريم الروح، محبا ذو مشاعر، متسامحا ومعطاء، ذو عقلية تخيلية وتتصرف بروح رياضية ومستعدا للمشاركة بالحياة ( هل بها صعوبة؟)، وأن تجرب عمل أشياء من قائمة بسيطة مثل: عد إلى منزلك باستخدام طريق مختلف عن المعتاد وكرره غدا (فقط هكذا!)، شمر واطبخ بنفسك وجبة طعام (لطيفة)، شم رائحة جديدة طيبة أو كريهة وتأمل فيها (أووه)، ارسم لوحة باستخدام ألوان تكرهها (ألوان شمع أو فلوماستر كما تحب)، سلم على الناس بحرارة ولطف وانظر إلى أعينهم (انتبه N1H1)، أبدأ الحوار مع غريب ولا تجعله يشعر بالتطفل ( ليست لقافة!)، إذا طلب منك محتاج ريالاً أعطه عشرة (بحبحها)، قم بسرد نكتة وعندما تسمع الدعابات اضحك من قلبك (تحتاج تمرينا)، جرب وستشعر بالفرق. الموضوع ذو تشعبات كثيرة ونحن بحاجة ماسة لنربي الأجيال القادمة على هذا النوع من منهجية التفكير والعمل والإنتاجية، حتى نرى نتائج قريبة وبعيدة المدى تسهم في دفع عجلة تقدم هذا البلد الطيب والتفكير الإبداعي لقاطنيه . *جامعة الملك عبد العزيز