بيّن الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن محمد السدحان في كتابه الجديد (أمثال شعبية من الجزيرة العربية مقتبسة من نصوص شرعية) مدى التأثير الإسلامي في أقوال المجتمع وأفكاره وتضمين القرآن الكريم في كلام الناس وأمثالهم وخطبهم وسائر أحاديثهم انعكاساً لارتباطهم القوي بعقيدتهم وتمسكهم بما ورد فيها من عظات وتوجيهات تتعلق بشؤون الحياة كافة، وذلك من خلال الأمثال التي تضرب في سلوكيات الإنسان. ويكشف المؤلف مع كل مثل أورده في الكتاب المعاني الغامضة في ألفاظه إن وُجدت ومتى يقال، كما يعلق على الأحاديث من حيث قوة سندها أو ضعفها، وينبّه المؤلف ضمن مادة الكتاب إلى ما جاء في بعض الأمثال من محذورات شرعية حتى يتوقف الناس والمؤلفون عن تناقلها فلا تسري على ألسنة الناس مسرى الصحيح، مثل قول المثل «أمره بين الكاف والنون»، وذكر المؤلف في ذلك حديثاً للعلامة الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- عن هذا القول. وقد جمع الدكتور السدحان 456 مثلاً من الأمثال الشعبية الدارجة على ألسنة مناطق وبلدان الجزيرة العربية والتي أُقتبست من نص قرآني أو تأثرت وتشابهت مع معنى آية قرآنية شريفة أو أكثر من آية في تركيبها اللغوي ومعناها، أو اقتبست من نص حديث شريف أو تتفق معه في المعنى. ومن الأمثلة التي أوردها المؤلف في قسم الأمثال المقتبسة من نصوص قرآنية؛ المثل “ما على الرسول إلا البلاغ” وهو مثل مقتبس من الآية القرآنية الكريمة ((ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون))، ومن الأمثال الدارجة بين الناس وهي مقتبسة من معنى قرآني، قول العامة “على هامان يا فرعون” وهو مستوحى من المعنى الذي تتضمنه الآية القرآنية الشريفة ((وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب، أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذباً)) ومن معنى الآية القرآنية الشريفة ((وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين)). وفي قسم الأمثال المستعملة بلفظ نص حديث على ألسنة الناس، المثل “كما تدين تدان” وهو مقتبس حرفياً من حديث شريف. ومن الأمثلة التي تتوافق في المعنى مع معنى حديث شريف قولهم “قل خيراً وإلا فاصمت” والحديث الشريف هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت)). وقولهم “المسعر في السماء” وهذا المثل مأخوذ من حديث أنس قال ((غلا السعر على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، قد غلا السعر فسعّر لنا، فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرّزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) .