ويظل الوطن قرة عين لكل من ينشد حياة الكرامة والعز والكبرياء، يمد جناحه ليظلل اهله بأمن وعدل وازدهار.. ويبعد عن ابنائه الخوف والرعب ويمد شبابه بالقوة والاقدام والعزم، فيتحدى كل واحد منهم الصعاب لتبقى الكرامة سكن النفوس، والاطمئنان وطن القلوب وتظل الراية الوطنية خفاقة البنود. وفي ظل الامن والامان يزدهر عطاء الفكر الانساني، ويزداد التآلف الاخوي وتمتد ساحة العطاء لتشمل كل شبر من الوطن بل وللعالم اجمع. والاوطان لا يهدد امنها واستقرارها العدو الخارجي فحسب، ولا يجر عليها الويل الاطماع القادمة من وراء الحدود فقط، لان ركيزة البقاء، وعماد الاستمار تحتاج اول ما تحتاج الى تعاون جميع الفئات للقضاء على صانع الرعب ومبتدع الفتنة ومرتكب الجريمة، واذا ما تم لاي شعب بغض النظر عن مساحة وطنه او عدد سكانه الضرب بحزم على كل من تسول له نفسه ارتكاب فاحش العمل.. فان هامة الرجال لا تنحني لظلم ولا تخشى من مواجهة كل التحديات لحماية حدود الارض التي يعيشون فوقها.. وتلقى في نفس الطامع او الحاقد الرعب والخوف من ان يجتاز الحدود معتدياً لانه يعلم تمام العلم ان طمعه وحقده وعدوانه سيتحطم امام صخرة العناد الوطني، الذي ينمو في القلوب والنفوس قوياً شامخاً عملاقاً لديه القدرة على تحطيم اطماع العدوان وتحقيق المزيد من الرخاء لكل مواطن والعيش في نعيم الامن والامان. * والمملكة العربية السعودية الارض المقدسة الطاهرة اول ما بنى حكامها الاشاوس نشر تعاليم ديننا الحنيف ثم اشاعة العدل فوق ارضها المباركة الذي انعكس امناً واطمئناناً في نفس كل مواطن سعودي، ومن هنا تأتي دعوة الاسلام الصريحة والواضحة من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة (وافعال الخلفاء الراشدين والصالحين المبنية على تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة) وكلها تدعو للرفق بالانسان لا للعنف، وللتسيير والتبشير لا للعسر والتنفير كما جاء على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (يسروا ولا تعسروا ويسروا ولا تنفروا). ولان طبيعة العنف، بما فيه الارهاب، تجر حتماً الى الشر وتتسم بالغلظة والشدة والقسوة وقتل الابرياء والتدمير والتخريب المادي فانها ترتطم بطبيعة الاسلام المسالمة الداعية للمحبة والرحمة والعفو والرأفة والسلام. واذا كان البعض يريدون تطبيق شرع كما يدعون فان الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم براء من افعالهم الاجرامية وافكارهم المتطرفة، واذا كانوا يريدون نصرة الاسلام فان الاسلام يرفض ان تلصق به صفات جاء في الاصل لمحاربتها وردع الناس عن ارتكابها. ان الذين يدعون انهم يحاربون من اجل شرع الله هم انفسهم يسيئون لشرع الله.. ويشوهون صورته الرائعة الناطقة بالعدل والحق والمساواة، الم يقرأ هؤلاء ما شرعه الله لعباده المؤمنين (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ويؤكد جلت قدرته في كتابه العزيز ان جزاء الذين يسعون في الارض افساداً ان يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض.. لانهم يخالفون دين الله وتعاليمه السمحة ويسيئون الى انسانية الانسان. كلمات محكمات لا تقبل التأويل او اكثر من تفسير، ولا اجتهاد في موضع النص كما يقول الفقهاء والمجتهدون. والذين زين لهم الشيطان سوء عملهم فاطاعوا نزواتهم وامسكوا بمعاول الهدم ليخبروا المدن والقرى ويروعوا الآمنين من الاطفال والمسنين ويقتلوا النفس التي حرم الله بغير وجه حق ويرتكبوا الآثام، عليهم ان يعودوا الى رشدهم ويعودوا الى هدي الله.. وشريعته السمحاء.. وان يتحلوا باخلاق نبي الاسلام وصحابته والتابعين الى يوم الدين. ان الاسلام الحقيقي ينمي في نفس المؤمن الخلق الرفيع.. والرأفة والمحبة.. ويخلق فيها روح التعاون والاخاء والتعاطف.. يتحلى كل مسلم بخلق الفارس الذي لا يطعن بالظهر.. والذي لا يلجأ الى الكذب والخداع والتخفي وراء ستار التقوى الصالحة، وتعاليم ديننا الاسلامي الحنيف تربي المسلم على التسامح وتطالبه اذا حارب ان يتمتع بخلق المحارب، وعلى الذين يشوهون صورة الاسلام ان يعودوا الى هدي السيرة النبوية الشريفة ليدركوا ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان مثالاً يحتذى به، وليعلم الجميع ان روح الاسلام التي اقتدى بها السلف الصالح من المؤمنين ربتهم على خلق رفيع، وعلمتهم خلق الفارس الشهم الجسور الذي يرفض ان يطعن اي انسان من الخلف ويرفض الدسائس والفتن والتدني الى مستويات القراصنة واللصوص وقطاع الطرق، اسمعوا الى ابي بكر الصديق خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوجه النصح للجيش المصطفوي الذي سار لتحرير ارض الشام، سار للقتال نعم للقتال اسمعوه يقول لهم: لا تقتلوا امرأة ولا شيخاً ولا تقطعوا شجرة ولا تؤذوا طفلاً وستجدون رهباناً في الصوامع فدعوهم لما نذروا انفسهم له. وكتاب الله الكريم لا يأتيه الباطل، وعندما نتدرج لفهم معانيه وبشرحه نجد انفسنا من حيث شئنا او ابينا امام دعوة واضحة للعقل والفكر.. وفتح النوافذ والابواب امام العلم ليدخل ديارنا، وينير نفوسنا، ويسعد افئدتنا ليهدينا سواء السبيل حتى لا تتعثر الامة في ظلمة الدجى.. وتضيع الخطى في الدهاليز المظلمة. لقد احسنت الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة باقامة المؤتمر الدولي الاول للاغرهاب وقد عنونته لهذا العام بعنوان (الارهاب بين تطرف الفكر وفكر التطرف) برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز ال سعود حفظه الله النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية فمثل هذه المؤتمرات تخدم المجتمع لبلورة مفهوم الارهاب وعلاجه من جذوره، كما انها توضح للعالم اجمع ان دين الاسلام هو دين التسامح والرحمة والخير والمحبة وان كل من يتصف بالافكار او الاعمال العنيفة المبنية على القتل والتدمير لا يمت للاسلام بصلة بتاتاً. * حماك الله يا وطني وبقيت على الدهر رمزاً للشموخ والإباء والعزة والاخاء، وبقي ابناؤك من حولك يفخرون بما اسبغه الله عليك وعليهم من نعمة وافرة.. وخبرات زاهرة.. وثمرات يانعة وامن وامان لا يزول، فكل واحد من ابنائك جندي في ساحة الميدان يصول ويجول ويرتجز الكلام وبالدم الطاهر الزكي يغسل ثراك.. ويحمي حماك.. نحمل ارواحنا على اكفنا فداء لك ونبيع الغالي والنفيس ذوداً عنك. فحييت يا وطني يا ارض الاباء والاجداد وملاذ الاولاد والاحفاد في ظل قيادتنا الرشيدة.