حين تواجد الرجال والسيدات في منتدى التنافسية الرابع وفي المعرض الدولي للتعليم العالي في الرياض الشهر الماضي ، لم تتوجه عدسات المصورين أو أقلام الكتاب الى موضوع (الاختلاط) ، وفي اعتقادي الشخصي أن مصطلح «الاختلاط» لا وجود له كمفهوم في أماكن العمل أو مواقع التعليم والمعرفة. وهذا الأمر ينساق الي منتدى جدة الاقتصادي والذي سوف يعقد يوم السبت القادم 13 فبراير 2010م ، ولكن في جدة هناك توجس وتخوف على منتدى جدة الاقتصادي بعد الانتقادات الدينية الواسعة التي تعرض لها في الأعوام السابقة وخاصة في دورته التاسعة ، وقد يكون السبب تسارع الصحف لنشر صور بناتنا السعوديات ، فأصبح القائمون عليها غير قادرين على تفادي سلبيات تعميق هذه الفكرة ، وبان المنتدى يعتبر بوابة لتحرر المرأة السعودية ويعتبر رمزاً لتطوّر المرأة السعودية . وعلى جانب أخر حاول آخرون ترسيخ فكرة أخرى لدى المجتمع السعودي المحافظ بأن المنتدى التاسع والذي حمل عنوان «إنماء الثروات عبر الشراكات والتحالفات»، ما هو إلا محاولة لغرس الفكر الليبرالي الاقتصادي «الرأسمالية» ، في حين سعى للابتعاد عن مناقشة الأوضاع الداخلية مثل مشكلة الفقر وكارثة الأسهم والتضخم وارتفاع الأسعار، حتى وصل الأمر إلى توجيه التهم لمنتدى جدة الاقتصادي بأنه لا تعنيه آليات الاقتصاد ومهنية تطويره بقدر ما يعنيه الرؤية الفكرية التغريبية ، وسعيه لتأكيد مفاهيم الرأسمالية العالمية المبنية على أساس علماني ، في دعوى منهم بأن ما يؤكد ذلك هو إصرار القائمين على أن تكون اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية للمنتدى. حسناً.. بعد أن أوردنا التهم السابقة يجب أن نتفق بأن المطلوب في وقتنا الحالي أن تبدأ عملية إصلاح منتدى جدة الاقتصادي من صياغة أهدافه وبرنامجه مروراً بأخلاقيات التنظيم وانتهاء بالمسؤولية الأدبية في مشاركة المتحدثين بعدم التعرض للمكتسبات الدينية والاجتماعية للمملكة العربية السعودية، إلى جانب العمل على إبراز النماذج المضيئة في المجتمع.. ولتحقيق هذا وذاك نتساءل هل المطلوب أن يستعرض منتدى جدة الاقتصادي الأفكار التالية: اولا: الاهتمام بالاقتصاد الإسلامي ، والعمل علي طرح مشاريع إسلامية شاملة ، خاصة بعد تساقط الأنظمة الاقتصادية الشيوعية والرأسمالية وتوجه كثير من المؤسسات الغربية للنظام الاقتصادي الإسلامي . ثانيا : مناقشة قضية المستقبل وذلك بتحويل منطقة مكةالمكرمة الى بيئة استثمار ملائمة للوصول للعالم الأول ، والعمل علي تفعيل الحلول للقضايا الساخنة مثل معالجة العشوائيات ودعم الاستثمارات العقارية ووضع خطط إستراتيجية للتعامل مع الأزمات والطوارئ. ثالثا: التعاون مع الجامعات المحلية لتفعيل دراسات الماجستير والدكتوراة في قضايا العمل ومخرجات التعليم والسكن ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحقوق المستهلك. طبعاً هناك كثير من الأفكار التي نرغب في مشاركتها ومناقشتها داخلياً ، ولكن ذلك لا يعني ان نلغي جهد من صنع فكرة منتدى جدة الاقتصادي عالمياً والتي استطاعت غرفة جدة وأعضاؤها السابقون المحافظة على وضعها في خريطة المنتديات العالمية ، خاصة وان لدينا عشرات المنتديات المتخصصة في محافظة جدة والتي تستطيع ان تتبني الأفكار المحلية والعمل على تحقيقها ، وكذلك تستطيع المنتديات المحلية ان تستوعب أكثر منها وتعمل على إخراجها في صور أهداف مع الجهات الحكومية . أرى أن نؤمن أن منتدى جدة الاقتصادي هو حدث عالمي وليس محلياً أو إقليمياً، ولا يمكن القبول بفكرة أن هذا المنتدى يحاول ترسيخ أو إلصاق مفهوم الاختلاط أو الدعاوى القائلة بأنه يسعى لتحرير المرأة السعودية، أو سعيه لنشر الفكر الليبرالي من خلال جلساته، وهذه الدعاوى غير الصحيحة وغير الواقعية لن تجعل القائمين على المنتدى يذعنون حتى يغير بوصلته أو أن يتم التقليل من مكتسباته التي حققها على مدى سنوات مضت. اعتقد أننا في محافظة جدة نتقن مفهوم «جلد الذات» بشكل متميز وفريد من نوعه للأسف، ونرى ذلك أنه من باب حرية الرأي أو الشفافية أو المصداقية، ونطلب بين حين وآخر مساهمة كُتاب لتبصير المجتمع السعودي بأخطاء أهلها على افتراض أنها أخطاء ومحرمات، وفي أحيان أخرى نطلب من إخواننا المحتسبين زيارتنا لأداء مناسك العمرة أو زيارة المسجد النبوي بالمدينة المنورة وفي طريقهم يجتمعون مع رئيس مجلس إدارة غرفة جدة بهدف نصحه حول هذه المخالفات التي يعيشها المنتدى الاقتصادي في كل دورة، فضلاً عن النصائح التي تتوالى حول نبذ الاختلاط في مقر الغرفة والذي وصل – بحسب البعض- إلى حد لا يمكن السكوت عنه، وهو ما سيساهم في أن يضرب التغريب أطناب المجتمع الجداوي وهذا ما يدفع للوقوف ضده بحزم!. ختاماً لقد اتخذت سياسة «الإحباط» في محافظة جدة أقسى صورة، وهنا أرى أنه يتوجب على أهلها وكتابها وشبابها ان يتطوعوا للدفاع عن تاريخها ومكتسباتها وعن مستقبلها كذلك، وخلال أيام سوف يفتتح منتدى جدة الاقتصادي العاشر، فيجب ألا يكون هذا المنتدى مدخلاً آخر لجلد الذات، وفتح ملفات الفساد الإداري والاختلاط.. لأن جدة سوف تظل البوابة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية، فضلاً عن كونها البوابة الإسلامية للمدينتين المقدستين مكةالمكرمة والمدينة المنورة، ومهما حاول البعض التقليل من تمسك أهلها بضوابط الشريعة الإسلامية الغراء وسعيهم من تحقيق التطور والرقي بهدف الوصول إلى العالم الأول برؤية سديدة وخصوصية نمتاز بها كشعب سعودي لديه ثوابت ومكتسبات.