هل المنصب ؟ هل المسمى الوظيفي ؟ هل الترقية ؟ هل المسؤولية ؟ أم كل ذلك مجتمعين . ما الذي يجعل القائد الإداري في حالة ضيق و غضب دائم وتعسف يجعله مصاحب لوجه عبوس !! هل هذه ما يسمونها بالهيبة ؟! بغض النظر عن بعض النظريات في الهيبة و بعض الرؤى الفكرية فيها – تقصد هذه المقالة الهيبة التي ذكرت في القاموس المسمى ب the free dictionary أنها الخوف أو الرهبة أو الاعتبار. قال تعالى ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ) . الم يعلم هذا القائد الإداري أن الرسول صلى الله عليه و سلم قدوتنا و قائد هذه الأمة كان بساما . و هذا رثاء الشاعر د.عبد الرحمن العشماوي للشيخ احمد ياسين- احد القادة العظماء- بعد استشهاده لوصف وجهه الطلق المبشر في قوله : يا فارس الكرسي وجههك لم يكن الا ربيعا بالهدى مزدانا في شعر لحيتك الكريمة صورة للفجر حين يبشر الأكوانا فالقيادة كما عرفها الدكتور طارق السويدان أنها القدرة على التحريك نحو الهدف . ويركز الدكتور هيمان في تعرفه للقيادة على أنها العملية التي يتمكن من خلالها القائد من توجيه وإرشاد الآخرين والتأثير على أفكارهم و سلوكهم و شعورهم بهدف تحقيق غاية جماعية. وربما أضيف على تعريفه أن القيادة هو التأثير الايجابي مما يحصر التأثير بان يكون تأثيرا ايجابيا ليكون أكثر فعالية وأكثر جدوى حتى نستطيع القول أن القيادة وسيلة للوصول للهدف بفعالية. وليست القيادة علم فقط إنما هي فن ويكمن هذا الفن في ممارسة القائد للأنشطة و استخدامه للأسلوب المناسب الذي يؤثر في الأفراد ويدفعهم للمشاركة الايجابية في دفع العمل للهدف المنشود. كيف له ذلك و هذا القائد الإداري له من الجفاء والقسوة و التسلط و الإكراه ما له!! الم يعلم أن تقطيبه للجبين مسبب لفشل المنظمة التي يقودها .. فهذه الصفة لها السبب الأوجه لتراجع المنظمة و تسرب العاملين و انصراف العملاء و سلبية التأثير على جودة الاداء و قلة الربحية , ناهيك عما تسببه من ضرر يرجع إليه هو شخصيا و يبدأ به أولا. وهنا يجدر بي إدراج بعض من سمات القيادة الفعالة كما ذكرها الأستاذ علي الصباحي : 1- القيادة نشاط وحركة , فالقائد يتعامل مع قدرات جسمية و عقلية و وجدانية , إذا من سمات القائد الناجح هو القدرة على توجيه هذه القدرات توجيها ايجابيا بناءا لا سلبيا هداما . 2- القيادة في جوهرها هي قضية تأثير على المجموعات ليحققوا أهداف مشتركة للجميع . 3- القيادة تتحقق بالتعاون بين جميع أعضاء المجموعة ولاسيما في وقت التنفيذ الموصل إلى الأهداف المشتركة. 4-على القائد أن يحفز همم الأفراد و يصقلها و يشجعها بطرق و أساليب مختلفة. 5- لابد على القيادة إن تعترف بالفرد كشخصية وفكر و تقدر له كفاءاته و تشاركه في القرارات و تتعامل معه على نهج سياسة المساواة و عدم التعالي . 6- أن يكون للقائد معارف متنوعة و مهارات مختلفة متميزة و أن يتحلى بمهارة الإنسانية . 7- أن تكون اقرب لطبيعة الموجه أكثر من كونه رئيس. وهذا الإمام الغزالي رحمه الله يقول : اعلم إن الرفق محمود وضده العنف و الحدة , والعنف نتيجة الغضب و الفظاظة , والرفق و اللين نتيجة حسن الخلق و السلامة . وهو ما يجدر بالقائد التحلي بما قال عنه الغزالي و ذكره الصباحي من سمات لأنه قدوة ومثال المجموعة و المنظمة والمجتمع الذي ينتمي إليه. ربما هذا المقال يحمل في طياته دعوة لعلماء الإدارة للاهتمام أكثر بمجال القيادة واكتشاف القيادة المثالية بما تشمله من سمات ومهارات و أسس و معايير وثقافة وقيم و أخلاقيات حتى يتسنى للمجتمع معرفة كيفية توليد جيل قائد قائم على درجة من المثالية المقبولة , فالقائد الإداري لابد أن يحمل معاني الإنسانية و الالتزام و الولاء والجد و البذل و الاندماج و الألفة و التراحم المتبادل بين القائد و أعضاء المجموعة في المنظمة ومشجع للإبداع و الابتكار ويقبل درجة من الأخطاء, و يلغي المستويات الهرمية و الرسميات الزائفة و الأوجه المصطنعة و يرفع شعار أساسه الابتسامة و مساره قيادة نابضة و هدفه تقديم مجتمع مبتسم متفائل و ناجح , تصنع الايجابية في كل مكان . ولا يقصد بهذا أن يكون القائد متسيب متساهل غير حازم بحيث يشجع مجموعته على الكسل و التهرب من تحمل المسؤولية والفوضوية التي لابد أن تسبب تضارب الأهداف والأهواء وتخلي القيادة عن دورها الإرشادي , فالابتسامة والرفق ليس مضاد للانجاز و الاهتمام والحزم والعمل الجاد, إنما المقصود منها دعوة لكي يتخلى هذا الدكتاتوري المتشدد عن سلطته الحمقاء الهمجية القائمة على الإكراه والتهديد و العقاب و فكرة الرئيس والمرؤوس المتأصلة في بعض القيادات, إلى قائد إداري مشارك تعاوني , يفتح قنوات الاتصال لجميع الأطراف ويمنح الثقة ويشجع على إبداء الرأي ويقدر المشاعر ويلبي الاحتياجات ويحترم الأفكار ويؤمن بأهمية التوافق بين المصالح المشتركة للجميع و له الطريقة والأسلوب الأمثل الذي يوصله ومجموعته إلى الهدف ورسم التوجه العام الذي يشارك في تشكليه القائد الإداري و المجموعة والمجتمع المحيط الداخلي والخارجي و الذي لا ينحصر في كونه خاص بالمهمة أو بالعاملين, إنما يمتدد إلى مدى ابعد من ذلك, إلى تشكيل مجتمع محب محسن يولد لنا أجيال ذوي قيادة إدارية ناجحة ايجابية ومبادرة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( يا عائشة! إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف و ما لا يعطي على ما سواه ).