من الطبيعي أن يشعر الفلسطينيون بالإحباط من جراء تراجع الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن تعهده قبل نحو عام بأن تحتل دبلوماسيته تجاه الشرق الأوسط أولوية كبيرة، وأن يتم التركيز على استئناف الجهود لتسوية الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب مطالبته إسرائيل بخوض مفاوضات جدية للسلام والتوقف عن البناء الاستيطاني، وهو ما لاقى ترحيبا فلسطينيا في حينه لم يلبث أن تحول مؤخرًا إلى خيبة أمل بعد تراجعه عن مواقفه والضغط على الفلسطينيين بدلاً من الضغط على إسرائيل لاستئناف المفاوضات من دون وقف الاستيطان. لعل الإدارة الأمريكية تدرك جيدًا أن تراجع عملية السلام واستمرار إسرائيل في احتلال الضفة الغربية ومواصلة البناء الاستيطاني سيدفع إلى تبديد مشروع حل الدولتين ، والعودة إلى مشروع الدولة الواحدة التي يعتبرها اليمين الإسرائيلي النقيض لمشروع الدولة اليهودية ، لا سيما في ضوء الواقع الديمغرافي الذي يؤكد على أن الفلسطينيين سيشكلون الأغلبية في تلك الدولة التي تجد فكرتها قبولاً متزايدًا في أوساط الليبراليين الإسرائيليين والفلسطينيين ، وهو ما يعني أن الخاسر الأكبر في سقوط خيار الدولتين : الفلسطينية القابلة للحياة والإسرائيلية التي تتوفر لها عوامل الأمن هو إسرائيل. ما قاله الرئيس الفلسطيني محمود عباس لصحيفة (الجارديان) البريطانية الأحد على هامش لقائه رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون في لندن بأن استمرار احتلال إسرائيل الضفة الغربية سيؤدي إلى «حل الدولة الواحدة» يؤكد أن الفلسطينيين لديهم الخيار الثاني الذي يعمل أيضًا لصالحهم بما يضع الكرة في الملعب الإسرائيلي ، حيث سيتعين على تل أبيب التفكير جديًا في المفاضلة بين خيارين أحلاهما مر، لكنهما لا يقبلان المماطلة ، لأن المجال لم يعد مفتوحًا أمامها للمضي قدمًا في توسيع دوائر الاستيطان في الضفة الغربية والقدس لا سيما بعد الانتقادات التي وجهها الأحد رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني لإسرائيل بشأن الاستيطان الذي يشكل في رأيه عقبة أمام السلام مع الأخذ في الاعتبار أن برلسكوني هو أحد أكبر مؤيدي زعماء الغرب لإسرائيل التي بات يتوجب عليها أولاً تجميد كافة أنشطتها الاستيطانية بشكل كامل إذا كانت لا تزال تؤمن بحل الدولتين.