يقول أحد الشعراء -وكأنه يقرأ حال أجهزة الصحافة والإعلام الحديثة-: «وما آفة الأخبار إلاّ رواتها». وهكذا هم الرواة، منهم الصادق، ومنهم دون ذلك، فمَن تبيّن ولم يعجل فقد تحرّى رشدًا.. وكم هي الأخبار التي تتسرّب أحيانًا من هنا وهناك، وتتعلّق بمصالح الناس، فتشوش على أفكارهم بنقل أخبار غير موثّقة، يبني عليها الناس كثيرًا من النتائج الخاطئة. آخر هذه الأخبار، أو الإشاعات، تلك التي تناولت إنهاء الإدارة العامة للجوازات التنسيق مع عدد من القطاعات الحكومية والأهلية لوضع آلية جديدة لسفر السعوديين والمقيمين إلى خارج السعودية. وبأن هناك نيّة لبدء تنفيذ برنامج جديد لتسديد المستحقات المالية للمسافرين خارج المملكة، والخاصة بالقطاعات الحكومية والخاصة، أبرزها الجهات المنسقة والمتعاونة مع إدارة الجوازات، وهي مصلحة المياه والصرف الصحي، وإدارة المرور، وشركتا الاتصالات والكهرباء السعودية، وبأن تقوم الإدارة العامة للجوازات بمنع المسافرين للخارج من السفر إلاّ بعد التأكد من سداد مديونيات هذه الشركات. وبأن تستقطع الجوازات نسبة 5% من تسديد المستحقات المالية للقطاعات الحكومية والخاصة، وذلك للاستفادة منها في تحسين قطاع العمل الخاص بإدارة الجوازات. نفس هذه الأخبار، وبنفس الصيغة تقريبًا ترددت منذ سنوات. وأذكر أنني تناولتها مستبعدًا، بل ومستنكرًا إمكانية تطبيقها؛ لذا فقد جاء نفي المديرية العامة للجوازات أخيرًا وعلى لسان المقدّم بدر المالك مدير إدارة الشؤون الإعلامية في المديرية العامة للجوازات، بأنه «لم يتم اعتماد هذا الإجراء إطلاقًا»، ليزيل عن كاهل الناس قيدًا جديدًا على تحرّكهم لا يتوافق مع المنطق، ولا مع أنظمة الدولة التي تحول دون أي مؤسسة حكومية من سن أيّ نظام أو التعديل عليه إلاّ وفق الإجراءات النظامية المعتمدة. وهناك أكثر من مادة في النظام الأساسي للحكم تنظم هذا الوضع: تقضي المادة العشرون: (لا تفرض الضرائب أو الرسوم إلاّ عند الحاجة، وعلى أساس من العدل.. ولا يجوز فرضها، أو تعديلها، أو إلغاؤها، أو الإعفاء منها إلاّ بموجب النظام). تنص المادة السابعة والستون: (تختص السلطة التنظيمية بوضع الأنظمة واللوائح فيما يحقق المصلحة، أو يرفع المفسدة في شؤون الدولة وفقًا لقواعد الشريعة الإسلامية.. وتمارس اختصاصاتها وفقًا لهذا النظام، ونظامي مجلس الوزراء، ومجلس الشورى). المادة الثالثة والثمانون: (لا يجري تعديل هذا النظام إلاّ بنفس الطريقة التي تم بها إصداره). وأخيرًا يقضي نظام وثائق السفر الصادر بالمرسوم الملكي رقم: م/24 وتاريخ 28/05/1421ه في فقرته الثانية من المادة السادسة بالتالي: (لا يجوز المنع من السفر إلاّ بحكم قضائي، أو بقرار يصدره وزير الداخلية لأسباب محددة تتعلّق بالأمن، ولمدة معلومة، وفي كلتا الحالتين يُبلّغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعًا من تاريخ صدور الحكم، أو القرار بمنعه من السفر).