كانت السياحة في المملكة العربية السعودية حتى عهد ليس بالبعيد من المحاذير التي لا يجري الحديث عنها إلاَّ همسًا، وحينما أسندها ولي الأمر إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان كانت من أصعب المهام وأشقها على مَن يتولّاها من أفذاذ الرجال. إلاّ أن سموه، وبجهد كبير جدًا يشهد له به كل مَن يعرفه وعمل معه، استطاع أن يتغلّب على مختلف الصعاب، وأن يؤسس في وقت قياسي جهازًا كبيرًا ما كان له أن يُؤسس لولا توفيق الله سبحانه وتعالى، ثم مقدرة سمو الأمير سلطان ومهارته في القيادة، وانضباطه ومتابعته وقدرته في توجيه العاملين معه، واصطناعه جهات كثيرة في الدولة من حيث توقيعه اتفاقات تعاون ومشاركة معها، وكذلك عقده مؤتمرات ولقاءات واجتماعات مع مختلف التوجهات في سبيل تَقبُّل السياحة وفهمها وإدراك أهميتها بوصفها من الموارد المهمة للدولة، ومن القطاعات الواعدة في توفير عشرات الآلاف من فرص العمل للمواطن السعودي. وقد نجح في هذه السبل نجاحًا يحسب لسموه، ويسجل له في سجل الخالدين. ويحسب لسمو الأمير سلطان أنه لم يكن بيروقراطيًّا يجلس على مقعد وثير يقرأ الجرائد، ويتمرجح على كرسيه ذات اليمن وذات الشمال، بل هو شعلة من نشاط لا يحلو له الجلوس إلاّ أمام الحاسب الآلي في زاوية من مكتبه؛ يرسم الخطط، ويتابع تنفيذها، ويتصل بمختلف أجهزة الدولة، وبالقطاع الخاص لمصلحة العمل. ورأيت سمو الأمير سلطان على استعداد لزيارة أي جهة كانت أو موظف كان؛ حتى ولو كان أصغر درجة وظيفية منه متى رأى في ذلك مصلحة للجهاز الذي أوكلت إليه مقاليده. أمّا زياراته التفقدية لمناطق المملكة ومحافظاتها، فلا أظن مسؤولاً في الدولة -مع تقديري للجميع- فَعَل فِعل سمو الأمير سلطان، ذلك أنه استطاع أن يطوي المملكة من أولها إلى آخرها تحت أجنحة طائرته التي يقودها بنفسه، فهو دائم التنقل بين صحاري المملكة وجبالها وأوديتها للاستطلاع والدراسة، وتفقد مواقع الآثار والتراث العمراني والأسواق الشعبية، لاختيار وتحديد ما يرى أنها وجهات سياحة واعدة والحديث في ذلك يطول. وبالجملة، فقد نهض قطاع السياحة والآثار في عهد سمو الأمير سلطان نهوضًا غير مسبوق، فما رأيت جهازًا في الدولة كبر واتسع وتطور وارتقى كما هو الحال في جهازي السياحة والآثار التي يتسنمهما سموه. أسال الله سبحانه وتعالى له التوفيق والسداد، ومواصلة الخطى حتى نرى السياحة وقد شكلت موردًا اقتصاديًّا للدولة، وميدانًا جديدًا لتوفير فرص عمل لأبناء الوطن، كما يتصوره سموه ويطمح إليه. أما الاثنينية التي تشرفت بحضور فعالياتها عدة مرات، فيكفيها ويكفي صاحبها من الفضل والشهرة والانتشار ألاّ يذكر أحدهما إلاّ ويذكر الآخر، فلا تقول عبدالمقصود خوجة إلاّ ويتبادر إلى الذهن الاثنينية، ولا تقول الاثنينية إلاّ ويقفز إلى الذهن اسم الأستاذ الأديب الفاضل الشيخ عبدالمقصود خوجة، فلقد استطاعت هذه الاثنينية بهمّة صاحبها ودعمه ومثابرته وتشجيع ولاة الأمر له الصمود والاستمرار في حمل رسالتها العلمية والفكرية والتربوية والثقافية سنين عديدة حتى غدت أكاديمية فكرية معتبرة من خلال ما تنشره من كتب علمية مفيدة تصل على نفقة صاحبها إلى يدي كل ذي اهتمام، فضلاً عن المكتبات العامة والمتخصصة، وكذلك من خلال من تحتفي بهم الاثنينية أسبوعيًّا من العلماء والمفكرين وذوي الشأن على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم الفكرية بكل شفافية وموضوعية تحسب لصاحبها، ولمن يستعين بهم، ويستشيرهم من خيار العلماء والمفكرين والمثقفين البارزين، فجزاه الله خيرًا، وأثابه على ما قدمه ويقدمه من خدمات جلى للعلم والعلماء، وللمعرفة الإنسانية بوجه عام.