كنتُ أتحدّثُ مع أحد الإخوة الأعزّاء هاتفيًّا عن ما أكتبه، وما يكتبه غيري من الكُتَّاب (الشرفاء) من أبناء هذا الوطن المقدّس، خاصة المقالات (النقدية) لأداء هذا الجهاز، أو تلك الإدارة، أو الشأن المجتمعي العام في إجماله. وكان العزيز ينقل لي بعضًا من ردود الفعل التي قد ترى أن ما أكتبه ينال هذه الشخصية أو تلك، أو أنه قصدي. * للزميل العزيز كل الحق في بعض ممّا قاله، فكّمٌ لا بأس به من بعض الكُتَّاب في صحافتنا المحلية حوّلوا أقلامهم إلى أدوات ابتزاز، أو مديح لتحقيق أهداف خاصة وذاتية، ولكنّ الغالب الأعم من الكُتَّاب هم من الذين يؤمنون يقينًا أنهم مسؤولون أمام الله، ثم أمام ولي الأمر، وأمام ضمائرهم عن كل كلمة يخطّونها. كما أنهم يؤمنون أيضًا أنهم أدوات عون ومساهمة في تطوير الأداء المجتمعي للارتقاء بالوطن في حركته التنموية. * هكذا حال أوجد حالة من التأزّم ما بين الصحافة وقطاعات عامة حكومية وأهلية، أدّت إلى فجوة (رؤيوية) بين الطرفين، وصلت في بعض الأحيان إلى القطيعة، وربما الاستعداء.. ولمعرفتي بخبايا الصحافة ودهاليزها، وآلية عملها أقول بكل ثقة واطمئنان: إن ما يكتبه الزملاء الكُتَّاب والصحفيون، سواء في شكل مقالات، أو تحقيقات، أو أخبار، ليس سوى أداء للمهمّة الأساسية للصحافة، وهي متابعة الحدث، وأن تلك المتابعة لا تهدف إلى أي شيء سوى المصداقية في كل تفاصيلها؛ حتّى وإن أغضبت البعض. * ولكنّ الإشكالية من وجهة نظري تُطبخ، وتتكون داخل الدوائر المجتمعية الأخرى، خاصة من قِبل بعض القائمين على هذا الجهاز، أو تلك الإدارة الذين حصروا ذواتهم داخل عقليات عفا عليها الزمن.. ترى أن كل نقد، أو حتى مجرد ذكر تفصيلي لخبر، أو مقال، أو موضوع عن أداء الإدارة، أو الجهاز، أو المؤسسة التي يشرف عليها هذا أو ذاك من عينة مسؤولي العقليات المتكلّسة، إنما هو تقصّد ذاتي لشخص المسؤول، وتصفية حساب!! والمدهش أن هكذا عقليات تسترجع في صورة مأساوية أحداثًا ماضوية وبكل تفاصيلها؛ لاختلاف وجهات نظر مع الكاتب أو الصحفي، وأن تلك الاختلافات هي الدافع والمحفّز الأساسي وراء ما يكتبه هذا، أو ينشره ذاك من أرباب القلم الصحفي. * ولا أظن بحق أن حالة الاحتقان والتأزم الحالية ستختفي عن قريب، بل هي في ازدياد وتكاثر تضاعفي نتيجة لأن غالبية من القائمين على إدارات ومؤسسات حكومية وأهلية ارتفعت لديهم حساسية النقد خوفًا من فقدان (الكرسي) في ظل الشفافية التي أوجدها ويرعاها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله. * ولو أن أحبتنا ممّن يرون فيما نكتب نقدًا ذاتيًّا، أو مصلحيًّا، أو تقصّدًا شخصيًّا لأشخاصهم رجعوا إلى نظام المطبوعات في هذا الوطن العزيز، لوجدوا بين مواده ما يمنحهم كامل الحق في الرد المُفصَّل لآرائهم، بل إن لجنة شبه قضائية تنظر في أي مخالفات صحفية في وزارة الثقافة والإعلام مسؤولة عن إعطاء كل ذي حق حقه، وهو ما يرضي كل الأطراف، ويحمي حقوق الجميع. * مرة أخرى أقولها بصدق وبإخلاص ومحبة لتطور مجتمعنا ورفعة للوطن الغالي: إننا جميعًا مشاركون، بل ومسؤولون عن جودة الحركة التنموية العامة للوطن، ولن يحدث ذلك إذا ظلّت عقليات التحجّر تعيش ماضوية عفا عليها الزمن، ولم تعد مناسبة إطلاقًا لعصر الإصلاح الذي يقوده ولي أمرنا الملك عبدالله رعاه الله. فاكس: 6718388 – جدة - [email protected]