إذا جاءت الدعوة من شخصية كريمة مثل مدير الجامعة الإسلامية د.محمد بن علي العقلا إلى مدينة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فهي دعوة وزيارة مباركة اجتمع فيها الهدف العلمي بالجانب الديني والروحي فكانت بحق لها تأثير إيجابي عميق في العقل والنفس. ثلاثة أيام استمتعت بها واستفدت منها من 17-19 محرم 1430 حضرت فيها المؤتمر الدولي الثالث للأوقاف الذي عقد بعنوان (الوقف الإسلامي اقتصاد وإدارة، وبناء وحضارة) واشتمل على 7 جلسات علمية، عرض خلالها 67 بحثاً متنوعاً على أربع محاور، قدمها نخبة من العلماء المتميزين بعضهم من بلاد الحرمين والآخرين قدموا من عدة دول عربية وإسلامية وأحدهم يحمل الجنسية الكندية. كان الحضور الرجالي كثيفاً، والحضور النسائي ضعيفاً في العدد -قوياً في التفاعل بمشاركات ومداخلات جيدة- ولم أر أحداً نائماً مثل بعض المؤتمرات!! و منذ أن وصلنا وتنفسنا نسمات طيبة العليلة استقبلنا بكل حفاوة من قبل المنظمين للمؤتمر وحتى وداعنا لها وفي قلوبنا غصة لفراقها. فكل الشكر والتقدير للجامعة الإسلامية ومديرها الفاضل على حسن التنظيم ورقي التعامل. والاهتمام بالوقف ليس أمراً مستحدثاً على المسلمين بل أنه بدأ في عهد النبوة بالمدينة، فقد أوقف المسلمون مسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام في بداية الهجرة، ثم أوقفوا المسجد النبوي، وكان أرض بستان لبني النجار فأراد النبي أن يدفع لهم ثمنه فقالوا: والله لانطلب ثمنه إلا إلى الله تعالى، فسر بذلك، ثم شرع في بنائه مسجداً. ولما هاجر النبي إلى المدينة لم يكن بها ماء يستعذب غير بئر رومة، وكانت لرجل من بني غفار، وكان يغالي في بيع الماء منها، فقال النبي: (من يشتري بئر رومة بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان بن عفان بخمسة وثلاثين ألف درهم، فقال له النبي:(اجعلها سقاية -أي سبيلاً ووقفاً- للمسلمين وأجرها له) ففعل. كما وقف الرسول سبعة حوائط -أي بساتين- كان قد فوضه بها أحد المحاربين الذين قتلوا، فجعلها النبي على الفقراء والمساكين والغزاة والمجاهدين وذوي الحاجات. وعن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه قوله: لم يكن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذو مقدرة إلا أوقف. وأجمع العلماء على أن الوقف مشروع، فقد ندب إليه الإسلام ورغب فيه، وجعله من أفضل القربات المستمرة الدائمة التي يتقرب بها إلى الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات إبن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له). ومن المتفق عليه بين جمهور العلماء أن الصدقة الجارية هي: الوقف. [email protected]