كثيرون قرأوا عن جهود رجال الطيران فى انتشال محتجزي سيول جدة، بل ربما تابعوا نجاحاتهم فى إنقاذ النساء والأطفال من على أسطح المنازل وداخل المركبات. وعلى الرغم من جملة الأعمال البطولية التى تسابق الإعلام لنشرها تبقى فى ذاكرة 32 طيارًا ورجل إنقاذ جوي قصص غريبة ومواقف محرجة ربما تحتاج للكاميرا أكثر من القلم، وللصورة الناطقة قبل الحرف والتعبير. “المدينة” تستنطق رجال الطيران وتسمع قصص البطولة على لسان فرسانها لماذا الخوف؟ قائد طيران الدفاع المدني بالمملكة اللواء محمد بن عيد الحربي يقول لا شك أن هناك مفارقات ومواقف محرجة تعرضنا لها فى رحلة سعينا لانتشال محتجزى السيول فى جدة وصعبر، مؤكدًا ان الطيران كان يهبط لمسافات قريبة من الشخص المراد إنقاذه، ومن ثم ينزل له طوق النجاة، ولكننا نتفاجأ برفض الشخص ذاته التعلق بالحبال مخافة السقوط. لحظتها كنا نتعجب من هذا السلوك البشري غير المبرر! فالرجل يفضل الموت غرقًا عن التعلق بأطواق الطيران المدني، ولكن يبقى للمواطنين عزاء واحد، فالتجربة جديدة عليهم، وكثيرون منهم لا يملكون ثقافة التعامل مع الكوارث. ملاطفة الصغار وقال اللواء الحربي كنا حريصين على ملاطفة الأطفال الصغار، وتهدئتهم بعد انقاذهم وانتشالهم من المواقع المتضررة، حتى أننا كنا نصطحبهم الى كابينة القيادة ونطلعهم على كيفية قيادة الطائرة، ونضحك معهم حتى نزيل من داخلهم عامل الخوف. هذه الأمر لم ينسحب فقط على الأطفال الصغار، بل هناك رجال ونساء كنا نشاهد ارتعاشة الخوف فى عيونهم حتى أن أكثرهم كان لا يستطيع المشى على قدميه وقت الإنقاذ. صعبر ورابغ واضاف اللواء الحربي بدا الاستعداد لكارثة سيول جدة منذ ساعات مبكرة تصل الى 48 ساعة، وانطلقنا من ارض المشاعر المقدسة واتجهنا الى رابغ التي داهمتها امطار بكميات كبيرة جدًا، وتمت هناك عمليات اخلاء ليلا وبحكم ان الطائرات الحديثة مجهزة بكاميرات رؤيا ليلة (الاشعة تحت الحمراء) تمت عمليات الانتشال والإنقاذ خلال وقت وجيز جدًا، ولم يكن هناك أي اصابات بعدها اتجهنا الى نويبع ثم الى حجر ثم الى صعبر، وهناك تمت اكبر عملية انقاذ خلال هذه الازمة، حيث كان هناك عدد كبير من سيارات الصالون، والتي تحمل عددًا من الحجاج في طريقهم الى المشاعر المقدسة، وخلال اعمال الطيران المدني تم انقاذ وانتشال 29 حاجًا، وخلال هذا الوقت الحرج كانت الطائرات المتبقية تعمل في الميدان لانتشال وانقاذ السكان في الاحياء المتضررة في جدة. فريق الإنقاذ واشار اللواء الحربي أن مدير الدفاع المدني كان في احدى الطائرات الخاصة يدًا بيد مع فريق الانقاذ الذي استمر عمله خلال 48 ساعة متواصلة دون نوم. وأضاف ان الخطة التي تم اعتمادها كانت جنبًا الى جنب مع الخطة الميدانية التي تم اعتمادها في موسم الحج لعام 1430ه وعن عدد الطلعات الجوية قال اللواء الحربي انها تعدت المعدل القياسي لتصل الى معدل عالٍ جدًا، حيث وصلت ساعات الطيران الى 203 ساعات، وهو معدل غير مسبوق اطلاقا في عالم الطيران قياسًا على المعدل العادي، وهو 60 ساعة فقط .. مما يدل ان الطلعات الجوية خلال الازمة التي مرت في جدة لم تتوقف اطلاقًا. الاختناقات المرورية ومن الاهداف التي حرص عليها طاقم الطيران المدني رصد الاختناقات المرورية، إضافة إلى التجمعات غير الطبيعية في أرض المشاعر المقدسة، والكثافة خلال رمي الجمرات، وكذلك المواقع الحرجة وتجمعات المياه الكبيرة، وإرسال المعلومات إلى غرفة العمليات في الدفاع المدني، ومن ثم توصيل المعلومات للجهات ذات العلاقة للاستفادة من تلك المعلومات.