أبانت وكالة رويترز للأنباء إلى أن مسلمي فرنسا يعانون من تمييز واضح على جميع المستويات، مشيرة إلى أن هذا التمييز ازداد منذ مجيء الرئيس ساركوزي إلى السلطة. وتشير الوكالة إلى أن هذا التمييز يتخذ صوراً عديدة، بدأت منذ حظر السلطات الحكومية لارتداء الحجاب في المدارس وأماكن العمل الحكومية، وهو القرار الذي أثار غضباً واسعاً وسط المسلمين على اعتبار أن الحجاب أمر شخصي خاص، وأن مبادئ العلمانية التي تحكم الجمهورية الفرنسية تمنع التدخل في شؤون المواطنين الخاصة وتمنحهم الحق في ارتداء ما يشاءون من ملابس واعتناق ما يختارونه من أديان. واستمرت مظاهر العداء ضد المسلمين بعد أن قامت كثير من الصحف الفرنسية لإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية التي كانت قد نشرتها صحيفة يولاند بوستن الدنمركية وهو ما وافقت عليه – ضمنياً – الحكومة الفرنسية عندما أوضحت أن إعادة نشر تلك الرسوم لا يعتبر جريمة لأنه يندرج تحت حرية التعبير المكفولة للجميع. وتواصل الوكالة بالقول: استمر التمييز ضد المسلمين واتخذ عدة أشكال من بينها تدنيس مقابرهم ورسم بعض الرموز المسيئة والكلمات الجارحة، وهو الإجراء الذي تتهم فيه بعض المنظمات الإسلامية السلطات الحكومية بأنها لم تقم بما عليها من التزامات، ولم تعمل جادة على ضبط المعتدين ومحاكمتهم. كلك تعاني كثير من المساجد من التعرض للتدنيس والاعتداءات، فمرة تلقى زجاجات حارقة على مسجد، وتارة يفاجأ المسلون بوجود رأس خنزير على باب مسجدهم أو كتابة عبارات خارجة تخدش الحياء وتمس الذوق العام. وتشير الوكالة إلى الحديث حول الهوية الفرنسية الذي تتناوله بعض الصحف الفرنسية وارتباط ذلك بمعاداة الأجانب, ونقلت الوكالة صوراً من استياء وتململ المواطنين الفرنسيين من أصول أجنبية من هذا الأمر, وربطهم بين هذا النقاش وبين قضية البرقع المثارة حاليا بها، محذرة من الخطاب العنصري الذي طبع هذا النقاش. وتورد الوكالة تعليقاً لأحد المشاركين قال فيه: من أراد أن يكون فرنسيا فليكن ما ينساب في عروقه دما فرنسياً. وتتساءل الوكالة قائلة: هل فرنسا في حاجة إلى إصدار تشريع من أجل ما يقل عن 400 شخص؟ الإجابة هي لا. ومن يجادل في هذا الرقم عليه بالرجوع إلى تقريرين صدرا عن المخابرات الداخلية أظهرا أن النقاب ترتديه أقلية ضئيلة من المسلمات. وجاء في أحد التقريرين أن 367 امرأة فقط يرتدين النقاب في فرنسا كلها، برغم أنها تضم أكبر عدد من مسلمي أوروبا، حيث يقدر عددهم فيها بستة ملايين نسمة وهو ما يعادل نسبة (0.006 %). وفي ضوء ضآلة عدد المسلمات اللاتي يرتدين النقاب يبدو من الحكمة إسقاط فكرة الحظر، لاسيما أن التقريرين رفعا إلى الحكومة وسيمثلان جزءا من المناقشة البرلمانية للقضية. وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان قد أصدرت بياناً ندَّدت فيه بقرار حظر ارتداء النقاب في فرنسا، مؤكدة أنه يمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان، ولا يسهم في تعزيز حرية المرأة. وقالت المنظمة: الحظر الذي يستهدف النساء المسلمات على وجه التحديد قد ينطوي على التمييز الديني والتمييز ضد المرأة. وأي حظر من هذا النوع، يقيد من حرية التعبير فيما يخص الهوية الدينية الإسلامية ويبعث برسالة جديدة إلى المسلمين الفرنسيين مفادها أنهم غير مرحب بهم على أرض وطنهم. كما صرًّحت جان ماري فردو مدير مكتب المنظمة في باريس لإحدى الصحف الفرنسية قائلة: إن منع البرقع لن يعزز حرية المرأة. فهو ببساطة لن يؤدي إلا لوصم وتهميش النساء اللاتي يرتدينه، وحرية المرء في التعبير عن معتقده الديني، وحرية الرأي هي من الحقوق الأساسية. وكان الرئيس ساركوزي قد دخل على خط الجدل المثار عندما استبق نتيجة تصويت البرلمان الفرنسي بقوله: النقاب غير مُرحب به على أراضي الجمهورية الفرنسية. وجاءت تصريحات ساركوزي بعد أن قامت مجموعة قوامها 60 نائبًا من بين 577 نائبًا بالبرلمان الفرنسي، بالدعوة إلى تشكيل لجنة خاصة لدراسة فرض إجراءات ضد ارتداء النقاب في الأماكن العامة ويبدو أن الجدل حول النقاب وحظره في الأماكن العامة مرشح لمزيد من التصعيد في ضوء التصريحات اللافتة التي أدلى بها وزير الداخلية بريس هورتفو الذي أشار إلى وجود توصية برلمانية بفرض غرامة مالية باهظة على من ترتدي النقاب، إضافة إلى التوصية بحرمانها وزوجها الجنسية الفرنسية، ويقول هرتفو: النقاب تعبير عن إسلام متطرف، وهو ما يتعارض مع مبادئ الجمهورية، وقد يحول دون حصول التي ترتديه وزوجها على الجنسية الفرنسية". وكرد فعل على هذه التصريحات أشارت مجموعة من المنقبات إلى رفضهن التام لهذه التوصيات، مؤكدات أنهن لن يتنازلن عن النقاب ولو أدى الأمر إلى إحراقهن أحياء – على حد تعبيرهن. وفي هذا الإطار تقول إحدى الفرنسيات المسلمات في بلدة رين وتدعى خديجة (فرانسواز في السابق) وقد اعتنقت الإسلام قبل ست سنوات: أفضل أن أحرق جسدي على أن أخلع النقاب.