أثبت قرار الفحص الطبي الإلزامي (قبل الزواج) جدواه الكبيرة تجنبًا لذرية مصابة بأمراض مستعصية تكلّف الوالدين كثيرًا من الألم والحسرة، والجهد والمال، وتكلّف الدولة في حالات كثيرة أيضًا مبالغ كبيرة للعلاج. صحيح أننا تأخّرنا كثيرًا في إصدار هذا القرار الصائب جدًّا المتوافق مع علم مبني على سنن الله تعالى في الكون والحياة. وهذا التأخّر يكون دائمًا على حساب الضحايا في أي قرار كان، فمثلاً التأخّر في إقرار أنظمة مرورية صارمة حازمة تسبب في موت عشرات الألوف جرّاء حوادث السيارات الناتجة عن تساهل مريع في تطبيق العقوبات الرادعة الزاجرة. ولأن الزواج هو المؤسسة الاجتماعية الأكثر أهمية للمجتمع، فإن العناية به واجبة ولازمة، وهذه الأرقام المتصاعدة من حالات الطلاق التي تملأ قاعات المحاكم لا تُسرُّ صديقًا، وربما ولا عدوًّا سوى إبليس لعنه الله. وكثير من العقلاء والراشدين في مجتمعنا يؤكدون أن كثيرًا من حالات الطلاق قابلة للتفادي، لو تم اتّخاذ الإجراء المناسب مبكرًا قبل عقد النكاح. الحل في نظر هؤلاء هو توسيع دائرة الفحص الطبي؛ ليشمل أمرين خطيرين يشكّلان نسبة كبيرة من أسباب حدوث الطلاق، وهما (المُسْكرات والمخدّرات)، و(الأمراض النفسية). أم الخبائث الخمر، وأبوها المخدّرات، متى ما تعاطى أيّ منهما (العريس) القادم، فإن مصير الزواج غالبًا إلى طلاق، بل إلى دمار يسبقه ألم نفسي شديد، تعاني منه الزوجة المسكينة إن هي صبرت وطال صبرها، وربما صحبه عنف جسدي بالغ، قد يصل أحيانًا إلى عرض المدمن زوجته سلعة مقابل حصوله على المادة اللعينة، سواء كانت مُسْكرة أو مخدّرة. وأمّا إن اختارت الطلاق مبكرًا، وتيسّر لها في ظل حكم قضائي عادل وسريع، فإن وصمة الطلاق ستلاحقها في مجتمعنا هذا إلى يوم مماتها. ولعلّ المأساة الأعظم تتمثّل في حال الأطفال إن وُجدوا، فهؤلاء عرضة لكل أنواع المعاناة المؤلمة من عنف، وزجر، وحرمان، وإهمال سيترك أثره غالبًا على أنفسهم؛ ممّا سينعكس مستقبلاً على سلوكهم وحياتهم. القرار الصائب هو ما جلب خيرًا للناس، فكيف إذا كان فيه خير للمجتمع كله رجالاً ونساءً وأطفالاً؟!