شهدت المدينةالمنورة أكثر من 45 حالة ومحاولة انتحار في العام المنصرم من سعوديين ومقيمين سجلت لدى الجهات المسؤولة، كان من بينها انتحار خادمة من الجنسية الإندونيسية بالعقد الرابع من العمر بعد قفزها من فوق بناية مرتفعة بحي النصر، ومحاولة انتحار لعامل من الجنسية البنقلاديشية بعد قطعه للوريد، وانتحار شاب سعودي بالعقد الثاني من العمر باستخدام بخاخ طبي، وانتحار رجل مسن يعاني من اضطرابات نفسية، وانتحار شاب سعودي بإشعال النار بجسده، وشاب سعودي ينتحر بإطلاق رصاصة على رأسه، وفتاة تحاول الانتحار بتناول جرعة زائدة من العلاج، وراعي أغنام ينهي حياته معلّقا بشجرة في الصحراء، وسجين يحاول الانتحار داخل السجن العام، وقائمة لاتنتهي من مختلف الأعمار والجنسيات أنهوا أو حاولوا إنهاء حياتهم بطريقة بشعة. شهود عيان وتحدث ل (المدينة) سعيد محمد (زميل عمل لمنتحر أقدم على الانتحار بالصحراء بسكب مادة الوقود "البنزين" على جسمه وإشعال النار) ،يقول “إن زميلهم كان يعيش في عزله تامة عنهم بالعمل، ولا يختلط بأحد وكان يلاحظ عليه كثرة التفكير والهدوء التام، ولم أتوقع أن يقدم على الانتحار وعلمت مؤخرا انه يعاني من اضطرابات نفسية ربما هي التي قادته لذلك. فيما يقول صالح الحربي أيضا زميل المنتحر السابق ذكره لم أتوقع أن يقدم زميلنا على الانتحار ولم نعرف يوما ماذا يدور بمخيلته فهو إنطوائي وكان يعاني من اضطرابات نفسية . الأسباب الباحث الاجتماعي بسجون منطقة المدينةالمنورة لؤي سمان يعلّق على هذه القضية فيقول ليس هناك سبب أو أسباب معينة تؤدي إلى الانتحار أو المحاولة ولكن من المؤكد أن هناك أسباب رئيسية تؤدي أو تساعد على التفكير بالانتحار منها ضعف الوازع الديني لدى الشخص وعدم الإلتزام بالمبادئ الإسلامية، وعدم التحلي بالصبر واستخدامه للمخدرات والمسكرات، بالإضافة إلى القلق الدائم والاضطرابات النفسية والاكتئاب والعزلة، بالإضافة إلى العوامل الأسرية والاجتماعية التي تحيط به. طرق العلاج ويقول السمان: لكي يتمكن الإنسان من المحافظة على حياته فعليه أن يبتعد عن مجالس السوء وأوكار الفساد من مستخدمي الخمور والمخدرات وان يتمسك بتعاليم الدين الإسلامي وان يتعلم الصبر على تحمل مشاق الحياة ومصائب الدهر، والصبر على أذى الناس وعدوانهم، ومقاومة شهواته وانفعالاته، والانخراط بالعمل المفيد ليصبح ذا شخصية فعالة وناضجة ومتكاملة، وفي مأمن عن الإضطرابات النفسية مقدما على الحياة بتفاؤل وأمل موثقا بذكر الله. ظاهرة نفسية اجتماعيه بيولوجية الباحث والأكاديمي الأمني العقيد الدكتور نايف المرواني يقول معرفا الانتحار: الانتحار أو كما يوصف علميا بمصطلح "إيذاء الذات المتعمد" هو قرار ذاتي بتبديل الذات وإنهاء الوجود، واقتحام المجهول لينتهي مع المنتحر الأسباب الكامنة وراء انتحاره، وأضاف أن الانتحار ظاهرة نفسية اجتماعية بيولوجية فالإنسان بطبيعته الفطرية يسعى دوما أن يتعايش مع الآخرين، ويؤثر فيهم ويؤثرون فيه ليشعر بالإطمئنان النفسي والرضا عن الذات في إطار الإلتزام بالقيم الدينية كمدخل للإستقرار ودافع للإيمان وبين هذا وذاك، أما أن تستقر حياته ويحدد أهداف يسعى لتحقيقها وأما تضطرب حياته فلا يعرف سبب الاضطراب أو مراحل تطوره ويرتبط بهذا الجانب العديد من العوامل النفسية كالأمراض النفسية مثل الإكتئاب والإنفصام والهستيريا أو العوامل الاجتماعية مثل تأثير الأسرة والحياة الزوجية والعمر والمهنة والبطالة. وأكد الدكتور المرواني أن هناك علاقة بين الانتحار والمحاولة له من جهة، وبين الانحراف والجريمة وإدمان المخدرات والخمور من جهة أخرى، فعندما يقدم المنحرفون على ارتكاب هذه الجرائم تنتابهم حالة من الإكتئاب ويحاولون تجنب مشاعر الذنب عن طريق إدمان الخمور والمخدرات، وهذا ما تؤكده بعض الإحصاءات الشرطية التي بينت أن العديد من المنتحرين كان بسبب تعاطي المخدرات، كما أوردته التقارير الطبية العثور على المواد المخدرة بمسرح الجريمة. العنف الأسري وأكد المرواني إرتباط الانتحار ومحاولة الانتحار بمشكلة العنف الأسري نحو الزوجة والأبناء والخدم فقد سجلت إحصاءات الشرطة عديد من حالات الانتحار سواء من الزوجة أو الأبناء أو الخدم عندما يواجهون عنف من الأب أو رب الأسرة ولا يستطيعون مقاومته نتيجة لطبيعة المشكلات الأسرية أو بما يسمى قضايا الشرف، ولا يجدون مخرجا سوى الانتحار أما بتناول الأدوية أو المواد السامة أو القفز من المباني العالية، وتكون حالة محاولة الانتحار كرسالة استغاثة لمن حول الضحية او للمجتمع بصورة عامة. المساءلة القانونية واختتم الباحث والأكاديمي الأمني حديثه عن المساءلة القانونية أو الشرعية التي تترتب عليها جريمة الانتحار، ويقول: لا يترتب على جريمة الانتحار أي مساءلة قانونية او شرعية لأن الجاني والمجني عليه هو الشخص (الذي قتل نفسه) وفق ما تقره تحقيقات الشرطة.