أشار تربويون وأكاديميون إلى أن مشاعر الإحباط التي يشعر بها الشباب متعددة الأسباب، وأن الواقع الحالي للشباب والخوف من عدم الحصول على الوظائف، أو الفشل في تحصيل فرصة دراسية جيدة هو القاسم المشترك لمعظم هذه المشاعر، داعين الشباب إلى عدم اليأس وعدم الركون للإحباط، والنهوض من جديد لتحقيق الآمال والتطلعات. كما دعوهم إلى التقرب من الله والتضرع إليه بالدعاء حتى يأخذ بأيديهم. مقارنة ظالمة في البداية أوضح عميد كلية الطب والمشرف على المستشفيات الجامعية بجامعة الملك سعود البروفيسور مساعد بن محمد السلمان أنه وكما ذكر في القرآن وبالتحديد في سورة قريش (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) فالخوف دائما بالنسبة للشباب العربي بسبب أمرين : أولهما الخوف من النظام، والثاني: الخوف من عدم الحصول على وظائف مما يترتب عليه الجوع لوجود العطالة والبطالة وما شابه، فأنا برأيي أن الإحباط الذي يصيب الشباب العربي يعود لهذين الأمرين. ونوه السلمان إلى أن الأمم المتقدمة لا يعاني شبابها من هذا الإحباط وذلك لعلم الشاب والفتاة أن الجهد الذي يبذلونه والدراسة التي يدرسونها ستوفر لهم فرص العمل داخل بلدانهم وإن لم تتوفر هذه الفرصة فإن الدولة بأنظمتها وقوانينها وخدماتها الاجتماعية ستؤمن لهم حياة كريمة، وهذا لا يتوفر في معظم الدول العربية و للأسف. كيفية العلاج واقترح السلمان علاجا لهذا الأمر وهو أن نبدأ بمعالجة هاتين المشكلتين وذلك بإيجاد الوظائف المناسبة للجادين من الشباب والفتيات، وقال: هذه الوظائف ينبغي أن تؤمن لهم العيش الكريم وليس المعيشة تحت خط الفقر وفي نفس الوقت تشعرهم بالأمان الذي يجب أن يحس به الفرد داخل بلده، وذلك من الملاحقة والاتهام والمضايقة وخلاف ذلك، بحيث يعلم الشاب أنه آمن في بلده ولو حدث لهم مكروه لا سمح الله فإن هناك قوانين كافية لحمايتهم. وختم السلمان بنصيحة وجهها للشباب بقوله: عليكم يا معشر الشباب الإخلاص في أعمالكم والحرص على الدين، فالالتزام لا يكون فقط بتطبيق الشعائر وأداء الصلاة والزكاة، ولكن بأخذ الدين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين المعاملة» ومن لدين قوله كذلك : «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» فالإتقان جزء منه الإخلاص في العمل وهذه الثقافة قد نجد أنها لا تتوفر عند كثير من الشباب والفتيات للأسف. ليس لوجود خلل فيهم ولكن لأن تربية المجتمع لم تزرع هذا الشيء فيهم. الدراسة والوظيفة ومن جانبه يوضح البرفيسور سليمان بن قاسم العيد رئيس قسم الثقافة الإسلامية في كلية التربية بجامعة الملك سعود أن أسباب هذه المشكلة تعود إلى ضعف الفرص التي يجدها الشاب أمامه من حيث الفرص الوظيفية أو الدراسية، خاصة المراحل الجامعية والدراسات العليا، ويقول: في هذه الحالة ينظر الشاب لنفسه على أنه غير قادر على تحقيق طموحات كبيرة وإيجاد منصب جيد أو مركز مناسب، وبالتالي يريد أن تكون أمامه فرص كثيرة متاحة وسهلة. فعندما يقارن جهوده الذاتية وقدراته بما أمامه من الفرص يصاب بالإحباط. ومضى العيد قائلاً: لو أراد الشاب أن يعالج هذه المشكلة عليه أولا أن ينظر إلى نفسه بمنظار العزيمة والقدرة والتصميم على تحقيق طموحاته المستقبلية وتحقيق الفرص والتغلب على الصعوبات التي يواجهها في الحياة، سواء أكانت الصعوبات في عدم الحصول على وظيفة مناسبة أو فرصة دراسية مناسبة، وعلى الشاب أن يسعى بجد لتحقيق مثل هذه الطموحات حتى تقل نسبة الإحباط عند الشباب بإذن الله تعالى. وخاطب البرفيسور سليمان الشباب المحبط بقوله: عليكم أن تعلموا أنه إن كانت الفرص في نظركم ضيقة فإن تحقيقها ليس مستحيلاً ويحتاج فقط إلى الصبر والتصميم والعزيمة، بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة به. وكما قال الشاعر : إذا لم يكن عون من اللّه للفتى فأوّل ما يقضي عليه اجتهاده تقوية الإيمان ومن جانبه يؤكد الأستاذ جمعان الحجاج أن الإحباط هو شعور مؤلم يسبب الضيق والقلق والشعور بالذنب والدونية، ويقول: هناك عدة أسباب للشعور بالإحباط، من أهمها: ضعف الوازع الديني، فكلما زاد إيمان الشخص ازداد قوة في مجابهة العراقيل التي تسبب الإحباط، وكذلك كثرة المتغيرات التي تحيط بالإنسان، وكذلك عدم تقدير الجهد الذي يقوم به، وكذلك وجود عوائق تقف أمام تحقيق الطموح ومخالطة الشباب للجلساء المخذلون والحساد وكذلك أعداء النجاح الذين تعودوا على الكسل والخمول، وكذلك ضعف التخطيط لأي عمل يقوم به الإنسان، وأيضا ضعف النفوس أمام ملذات الدنيا حيث إن الشاب يرى غيره يتمتع بأمور لا يستطيعها فيصيبه الإحباط. تجاوز السلبيات ويمضي الحجاج بالقول: لو أردنا معالجة هذا الموضوع فهناك أسباب لا بد من الأخذ بها، ومنها: الارتباط القوي بالله، والتأكد أن ما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، ولابد للمرء أن يعتبر الإحباط دافعا للنجاح، وذلك إذا اعتبره الفرد قضاءً وقدراً، وتهيئة النفس إلى ما قد يواجهها من عراقيل لكي تكون الصدمة أخف ولا تصل إلى درجة الإحباط، وعلى المرء أن يهيئ نفسه لأي شيء قد يصيبه (التهيئة النفسية) وأيضا دراسة السبب لضمان عدم تكرار الفشل، وعلى الشاب أن يشعر بأن ما قدمه من عمل له إيجابيات كثيرة، وإن كان الفشل حليفه. وعلى الإنسان أن ينظر إلى ما قدمه من عمل ويحصر إيجابياته، ويحدد سلبياته حتى يستطيع تفاديها مستقبلاً. ويختم الحجاج بتقديم عدة نصائح للشباب، منها: نسيان سلبيات الماضي، والبداية الجادة والبحث على الراحة النفسية وذلك بأداء الفروض في أوقاتها، والإكثار من قراءة القرآن الكريم والدعاء لأنه من شفاء القلوب، وعلى الشاب الاعتقاد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه إلا بإرادة الله، والاستفادة من الشخصيات التي واجهت عراقيل ومصاعب كبيرة جداً، وكيف تغلبت عليها، والبعد عن الشخصيات الضعيفة التي فشلت من أول خطوة ثم توقفت.