جاءت ميزانية 1431-1432ه بكل ما اشتملت عليه من مظاهر الخير والبركة وما تضمنته من أرقام ومعطيات، جاءت تلك الميزانية بحمد الله وتوفيقه ملبية بكل المعاني والمواصفات لتطلعات القيادة وآمال المواطن ليس فقط لأنها الأضخم في تاريخ المملكة بزيادة قدرها 14% عن ميزانية العام الماضي ، وليس لأنها وضعت تقدم الوطن وتلبية احتياجات المواطن في مقدمة أولوياتها من خلال الاستمرار في دعم صروحنا العلمية والاقتصادية والصناعية وتعزيز التنمية المستدامة ومراعاة حاجات اقتصادنا الوطني والتركيز على قطاعات التنمية البشرية والبنية الأساسية والخدمات الاجتماعية وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين ، وليس أيضًا من خلال الاستمرار في تطوير أجهزة الدولة وفي مقدمتها أجهزة القضاء ، وإنما أيضًا لاشتمالها على بند هام أشار إليه خادم الحرمين الشريفين بكل وضوح منوهًا بأهميته عندما خاطب الوزراء ورؤساء الأجهزة الحكومية بضرورة إتمام مهمة تنفيذ المشروعات والخطط التي تضمنتها الميزانية بجد وإخلاص وسرعة ، وعدم التهاون في كل شىء يعوقها ، «لأن هذه أسمعها أنا من الناس وأحسها بنفسي» ، وضرورة المتابعة الدقيقة لما ينفذ دون أي تقصير أو تهاون والاستشعار الدائم للمسؤولية والأمانة التي تحملوها أمام الله ثم أمامه – حفظه الله – موجهًا بضرورة أن تقوم الأجهزة الرقابية بدورها على أكمل وجه ورفع تقاريرها إلى مقامه السامي أولاً بأول. يمكن النظر إلى تركيز خادم الحرمين الشريفين على هذا المحور الهام وهو يدشن لعام جديد من البناء التنموي الطموح في وطن العز والشموخ على أنه استكمال لموقفه في أعقاب كارثة سيول جدة عندما أصدر أمره السامي بتشكيل لجنة خماسية تكون أولى مهماتها التحقيق وتقصي الحقائق في أسباب الفاجعة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص له علاقة بها. وهنا لابد من النظر إلى ما قرره المليك المفدى حول تلك اللجنة وصلاحياتها التي تتضمن -ضمن ما تتضمنه- استدعاء ومساءلة أي شخص أيا كان بما ذكره في كلمته أمس الأول بأنه لا تهاون ولا تقصير، وأن من يجد تقصيرًا من أي أحد، ومنهم وزير المالية «فليخبرني»، بما يؤكد على أن شعار «لا تهاون مع المقصرين» هو شعار المرحلة.