في حفل تسلمه لجائزة نوبل للسلام ظهر الخميس 10 ديسمبر الحالي، تحدث الرئيس الأمريكي أوباما عن رؤيته للسلام، وعن جدارته بالجائزة التي فاجأت الكثير حين مُنحت له بعد شهور قليلة جدًا من تسلّمه للمنصب الرفيع، ودون إنجازات فعلية على أرض الواقع. وكما هي عادة الأسطوانة الأمريكية المشروخة، أطال أوباما الحديث عن أهمية التزام (الدول المارقة) بالنظام الدولي وبأسس نشر السلام في الأرض، وبأهمية إثارة بعض الحروب تأديبًا وردعًا لأولئك الذين لا يلتزمون بالمبادئ الأساسية لحفظ السلام في الأرض. وأمّا الأمثلة الجاهزة طبعًا، فكانت ولا تزال كوريا الشمالية وإيران بالنسبة للسلاح النووي، والسودان بالنسبة للاجئين المشردين من أوطانهم. وفي كل مرة يتحدث أي رئيس أمريكي بهذه الصورة، فإنه لا يستطيع أن يخفي ملامح شيء من المراوغة الممجوجة، والتصنّع المكشوف، والزيف الظاهر، لأن أي طفل صغير لن تغيب عن ذهنه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل يوميًّا، ولأن أي راشد عاقل يدرك حجم الخطر الهائل الذي تخبئه القنابل النووية الصهيونية. وإسرائيل تخترق يوميًّا كل المعاهدات الإنسانية، والمواثيق الدولية، بل والحد الأدنى من كل ما تعارفت عليه البشرية منذ فجر التاريخ، ومع هذا لا يُشار إليها في خطاب السلام الذي ألقاه أوباما. هذه الازدواجية لن تساعد على تحسين صورة الولاياتالمتحدة في عالم لم يعد يحتمل هذه السياسات الديناصورية القديمة التي طبّقها سلفه جورج بوش بجدارة فائقة، وأكسبته بغضًا وكراهيةً على مستويات عالمية متعددة. ومنذ تولي أوباما منصب الرئاسة، تصاعدت وتيرة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في الضفة، كما تضاعفت معدلات طرد الفلسطينيين من القدس بكل وقاحة وجرأة، وانفتحت شهية العدو الصهيوني لبناء مزيد من المستوطنات في الضفة على نحو يناقض تمامًا رغبات أوباما، وتصريحاته، وسياساته المعلنة منذ حملته الانتخابية، وحتى كلمته العصماء التي وجهها من القاهرة للعالم الإسلامي قبل شهور خلت. إسرائيل كانت -ولا تزال- شوكة كبيرة في خاصرة السلام، وهي التي تعطي دولاً مثل إيران ذريعة كافية لسباق تسلّح نووي مخيف. [email protected]