مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    توطين الوظائف يتوسع    18حكماً يشاركون في إدارة مباريات خليجي تحت 17 عاماً    محافظ الطائف يتوّج الجواد "تلال الخالدية" بكأس الأمير عبدالله الفيصل و"وثاب المشاهير" بكأس الملك فيصل    البرتغال: سنعترف رسميا بدولة فلسطين    اليوم السبت .. انطلاق بطولة الخليج للناشئين    الرويلي يشهد حفل تخريج دورة التأهيل العسكري للأطباء الجامعيين ال 12 من طلبة كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية بالظهران    رقم سلبي لمدرب الهلال عقب الكلاسيكو    ماريسكا: حياة والدي الصياد كانت أصعب    إنزاغي: قدمنا 80 دقيقة رائعة وسنستفيد من مباراة اليوم في القادم    مستشفى الدرب العام يشهد مبادرة "إشراقة عين" للكشف المبكر عن أمراض العيون    عبدالعزيز بن سعد يطلع على تفاصيل مشروع تأهيل مدينة حائل للتسجيل والتصنيف ضمن المدن الذكية    «سلمان للإغاثة» يوزّع (1,500) سلة غذائية في محلية شيكان بالسودان    ضبط (5) مخالفين لنظام أمن الحدود في عسير لتهريبهم (100) كجم "قات"    الفيحاء يتعادل مع الشباب في دوري روشن    المرور : ترك الطفل وحيدًا داخل المركبة.. خطر يهدد حياته    قطاع تهامة الإسعافي يفعل اليوم العالمي للإسعافات الأولية    إيران تعتبر تصويت مجلس الأمن على إعادة فرض العقوبات «غير قانوني»    زيارة دعم وإشادة وشراكات تنموية للتنمية الاجتماعيّة الأهلية بفيفاء    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس نيبال بذكرى يوم الدستور لبلاده    80 فنانًا يضيئون سماء الأحساء بالفن التشكيلي    إمام المسجد النبوي: القرآن أعظم الكتب وأكملها ومعجزته باقية إلى يوم القيامة    في النظرية الأدبية.. بين جابر عصفور وعبدالله الغذامي    الذهب يواصل مكاسبه للأسبوع الخامس بدعم خفض الفائدة الأمريكية    الجهني: أوصي المسلمين بتقوى الله والاعتصام بالكتاب والسنة    محافظ بيشة يدشن جمعية التنمية الزراعية "باسقات"    جدة تغني حب وحماس في ليلة مروان خوري وآدم ومحمد شاكر    خطباء الجوامع: وحدة الصف وحفظ الأمن من أعظم نعم الله على المملكة    جمعية نمو للتوحد تحتفي باليوم الوطني ال95    جمعية حقوق الإنسان تنظّم دورة للإعلاميين حول تعزيز المبادئ الحقوقية    جلسات منتدى حوار الأمن والتاريخ.. إرث راسخ ورؤية مستدامة للأمن والتنمية    اختتام ورشة عمل بناء العمل الفني بالمدينة المنورة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار طائرة هجومية مسيرة    نائب أمير تبوك يكرّم الفائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز للتميز في العمل الاجتماعي    نائب أمير تبوك يدشن حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    ارتفاع حصيلة القتلى جراء انفجار شاحنة صهريج غاز في المكسيك إلى 21    أمسية شعرية وطنية للأمير سعد آل سعود تدشن احتفالات الهيئة الملكية بينبع باليوم الوطني السعودي ال 95    مجلس الدفاع الخليجي المشترك يقرر تحديث الخطط الدفاعية وتبادل المعلومات الاستخبارية    ما مدى قوة الجيش السعودي بعد توقيع محمد بن سلمان اتفاق دفاع مع باكستا    أمير منطقة المدينة المنورة يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة جامعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز للتميز    قطر: حرب إبادة جماعية    السعودية تطالب بوضع حد للنهج الإسرائيلي الإجرامي الدموي.. الاحتلال يوسع عملياته البرية داخل غزة    فرنسا: حملة تدميرية جائرة    أمير الباحة يدشن مشاريع صناعية ولوجستية    "سترونج إندبندنت وومن"    العيسى والصباح يزفان عبدالحميد    ضبط 83 كجم قات و61 كجم حشيش    بدد أموال والده في «لعبة».. وانتحر    زراعة «سن في عين» رجل تعيد له البصر    هيثم عباس يحصل على الزمالة    29% ارتفاعا بأسعار البرسيم    سارعي للمجد والعلياء    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    وجهة نظر في فلاتر التواصل    خطى ثابتة لمستقبل واعد    محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بكليته لأخيه    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشواق نواف القديمي للحرية (2)
نشر في المدينة يوم 17 - 12 - 2009


القديمي يحمل أفكاراً تنويرية عظيمة إذا ما قورن بالسلفيين المتطرفين أو المُستبدين القمعيين ولكنه أخطأ – اصطلاحياً – بأن فرّغ الديمقراطية من قيمها الأخلاقية والسلوكية وحتى العقائدية والفكرية ، وجعلها محض وسائلية ! كتبت في الأسبوع الماضي عرضاً سريعاً لأبرز محاور كتاب نواف القديمي المعنون بأشواق الحرية ، وفي هذا الأسبوع سأكتب عن أبرز محاور الاختلاف مع الأستاذ القديمي . في البداية أريد أن أنوّه إلى أنني كتبت سابقاً مقالاً بعنوان ( الديمقراطية بين الجزء والكل ) بتاريخ 16 يوليو 2009 وعلى أثره تمت استضافتي في إذاعة الرياض للحديث عن مضمون هذا المقال . ففي مقالي القديم هذا ، والذي يصلح استئنافاً للرد على أفكار الأستاذ القديمي ، أبرزتُ فكرة أن الديمقراطية هي غير قابلة للتقسيم : فالديمقراطية في جزء من تعريفها هي حرية الشعب التامة لاختيار من يريدون حكمهم ، ولكنها أيضاً تعني قبول الهزيمة وقبول التعددية في الحكم ، وهي قيمة أخلاقية وإنسانية وليست مجرد هيكليّة وسائلية لتمرير من يُراد تمريره إلى سدّة الزعامة . نعم إن القديمي يحمل أفكاراً تنويرية عظيمة إذا ما قورن بالسلفيين المتطرفين أو المُستبدين القمعيين الذين يرفضون كلمة ديمقراطية على علاتها ، ولكنه أخطأ – اصطلاحياً – بأن فرّغ الديمقراطية من قيمها الأخلاقية والسلوكية وحتى العقائدية والفكرية ، وجعلها محض وسائلية ! بالإضافة إلى أن الديمقراطية تستتبع معها الليبرالية حتماً ، وهنا لا أعني الليبرالية بمعناها الشائع عند المراهقين وأرباع المثقفين في الإنترنت ، ولكن أعني أن الشخص الديمقراطي لا يفترض به أن يضع نصب عينيه فوز حزب محدد أو فريق معين ، ومن ثم ، حال هزيمة هذا الفريق ، فإنه ينكفئ على الديمقراطية بكاملها ويرفضها رفضاً مطلقاً ، وهذا ما ستؤدي إليه أطروحة الأستاذ القديمي : فهو لا يقبل الديمقراطية إلا إذا كانت ستفضي إلى فوز الإسلاميين ! ولكن هذا الطرح ليس ديمقراطية البتة ، إذا ما علمنا أن الديمقراطية في الأمد البعيد وبمرور الأجيال سوف تقتضي حتماً انتخاب عدة أحزاب وفرق وتقسيمات هي ليست كلها بالضرورة إسلامية ؛ وعليه ، فإن الديمقراطية لا تعني شيئاً سوى أن يضع الديمقراطي في حسبانه أن الطرف الآخر قد يحكم وليس هو ، وأنه معرض للخسارة حالما انتخبت الجماهير خصمه أو منافسه ، ولذا فإن الديمقراطية في باطنها هي ليبرالية تعددية ، وتقتضي فوراً التسليم بأن ثمة احتمالاً للخسارة أو الربح في الجولات الانتخابية ، أما أن يكون هذا التسليم غير موجود ، وأن يتم استخدام الديمقراطية بشكل وسائلي فقط ، فإننا هنا نقع في فاشية غير محمودة العواقب . والمحور الاختلافي الآخر مع القديمي هو خلطه الواضح بين الديمقراطية في سياقها وأصلها الغربي ، ومفهوم الشورى في السياق الإسلامي . فالديمقراطية هي حكم الجماهير والشعب أياً كان هذا الحكم ومهما كان مضمونه العقدي ، أما الشورى فهي حكم أتوقراطي ، كما أن أهل الحل والعقد هم نخبة المجتمع الإسلامي وليسوا هم المجتمع نفسه ! كذلك فإن القديمي – وبسبب صغر حجم كتابه وعدم رغبته في تسمين كتابه كما ذكرَ – لم يتعمق في التجربتين الديمقراطيتين في اليونان القديم والغرب الحديث . فقديماً كانت الديمقراطية اليونانية تصويتية ومباشرة ، وأما في الغرب الحديث فهي تمثيلية ونيابية ( أي أن الشعب يختار من ينوب عنه في البرلمان ) وهذا لم يكن موجوداً في المجتمع اليوناني . كما أن للديمقراطية سلبياتها التي لم يتطرق لها القديمي نهائياً في كتابه ، فالديمقراطية – كأية تجربة إنسانية – هي معرضة للخطأ والفشل ، وهي ليست طوبى أو فردوسًا مفقودًا نبحث عنه ، إنها وسيلة عادية ، لم تمنع اليونانيين من احتقار النساء واستعباد البشر كلهم وجعلهم عرقاً أدنى منهم ، ولم تنظف المجتمع الغربي الحديث من كوارثه وسلبياته التي تنتشر فيه ، كما أنها لن تكون حلاً سحرياً أو وسيلة خارقة ما أن نستقدمها حتى تنصلح أحوالنا بالكلية . ولعلني أجد العذر للقديمي في هذه الهفوة النظرية إذا ما علمت بأنه في نهاية الأمر ينطلق من الواقع السيئ ليجد له حلولاً ومخارج تنقذه من عوالق الفساد وشوائب التراجع السياسي والاجتماعي وحتى الأخلاقي الذي نمر فيه : فالقديمي – وغيره من المثقفين – يبقى مهموماً بواقعنا اليومي والمعيشي ، وهو دونما شك ينوي أن يساهم برفعة هذا المجتمع ، وتدارُك ما يقع فيه من أخطاء بغرض تصحيحها وتنقيح مسارها . ولكن هل الديمقراطية هي الحل الوحيد ، أم هي حل واحد ضمن عدة حلول ؟ وهل تنفصل الديمقراطية عن تجربة الشعب نفسه أو خبراته الحالية والتراثية والمستقبلية ؟ وهل الديمقراطية هي كلمة وحيدة منفصلة عن التجربة الواقعية والنسبية التي تختلط فيها عدة مصطلحات ومضامين وسياقات هي أوسع ، وأعقد ، وأضخم ، من أن تُسك في مفردة وحيدة ؟ إنه لا مانع من الأخذ بالديمقراطية وسيلة ناجعة ، شريطة أن تضاف إليها خبرات ومكتسبات أخرى ، وأن يُجتهد في هذه التجارب والخبرات التي يُراد منها توعية الإنسان وتوسيع آفاقه ومُراكمة خبراته لمُجابهة المخاطر والتحديات المحيطة به ، ولذا فإن الديمقراطية هي أفق واحد ، ومسار واحد ، وشوط واحد ، ينبغي أن نسير به ، لقطع طريق النهضة العربية المأمولة ، وهو الطريق الطويل ذو المسارات المتعرجة والأشواط الطويلة والآفاق القصية التي لن تكفي الديمقراطية لوحدها في بلوغها ، إذ أن واقع التخلف أكبر وأعقد بكثير من جرعة ديمقراطية محدودة .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.