** تناولتُ في الحلقة السابقة على صفحات هذا الملحق الأغر “1” ذو الحجة 1430ه جهود المستشرق الألماني ف. فستنفلد WUSTENFAELD 1808- 1899م، في خدمة التراث العربي، وخصوصًا الدراسات التاريخية المتّصلة بمكةالمكرمةوالمدينةالمنورة. ** وفي هذه الحلقة أعود إلى الموضوع -نفسه- بشيء من التفصيل. ** لقد نشر “فستنفلد” سفرًا هامًا عن الكتابة التاريخية عند المسلمين، ونعته باسم “مؤرخو العرب ومؤلفاتهم ونشره كما يذكر “العقيقي” سنة 1882م”، انظر “المستشرقون، ج2، ص 367 369، كما أشار إليه المؤرخ العربي المعروف الدكتور صالح العلي، في مقدمة ترجمة كتاب المستشرق الألماني “فرانزروزنتال” الموسوم “علم التاريخ عند المسلمين” انظر: الترجمة لكتاب “روزنتال بغداد” 1963م المقدمة:ه. ** ويشير المستشرق الإنجليزي المعروف “دفيد مرجليوث” “1858 -1940م” في كتابه عن المؤرخين العرب، بأن “فستنفلد” قام بتتبع مجموعة من المؤرخين العرب الذين عاشوا في السنوات الألف الأولى قبل الإسلام، فبلغ العدد “590” LECTURES, ON ,ARABIC-HISTORIANS BY:D.S..MARGLIONTH. UNIVERSITY. OF CALCUTTA.1930. P:1-3 P ** ويذكر الباحث المعروف محمد حميد الله أن فهرست “فستنفلد” عن مؤرخي العرب احتوى على ذكر لمؤرخ السيرة محمد بن إسحاق بن يسار 85 - 185ه ضمن كتابه عن “مؤرخي العرب”، إلاّ أن العقيقي يشير في ترجمته ل “فستنفلد” بأنه أخرج “سيرة ابن هشام” مع تعليقات بالألمانية في ثلاثة أجزاء. ** عن الكتابة في فن السيرة النبوية “انظر: سيرة ابن اسحاق تحقيق وتعليق محمد حميد الله، تقديم الأستاذ محمد الفاسي، “معهد الدراسات والأبحاث للتعريف، المقدمة”. ** ولعل بحوث “فستنفلد” في السيرة النبوية قادته إلى الاهتمام بتاريخ المدينتين المقدستين مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، ونجد “العقيقي” يذكر من الكتب التي اعتنى بها في تاريخ مكة، والتي ضمّها في سفر واحد أسماه تواريخ مكةالمكرمة: وهي كالتالي: الجزء الأول من أخبار مكة للأزرقي، ومنتخبات من تاريخ مكة للفاكهي، والجامع اللطيف لابن ظهيرة، وكتاب الإعلام بأعلام بيت الله الحرام للنهروالي مع مقدمة بالألمانية، وكتاب مكة بالألمانية، وفيه لوحان، الأول بأنساب أشراف مكة، والآخر رسم لها. ** وفيما يتصل بتاريخ المدينةالمنورة، والتي اشتغل عليها فستنفلد ذكر كتاب السمهودي “أي الوفاء”، وكتاب آخر يحمل اسم أراضي المدينةالمنورة، أخرجه في (جونتجين 1875/م). * إلاّ أن المستشرق الألماني كارل بروكلمان، يضيف معلومات أكثر تفصيلاً عن مؤلفات (فستنفلد)، فهو يشير إلى: آثار ابن هشام، أو سيرة محمد رسول الله نشرها (فستنفلد) معتمدًا على مخطوطات مختلفة. ** أمّا في الجزء الخاص من كتاب بروكلمان بتاريخ المدائن فنجده يشير إلى أن (فستنفلد) أخرج كتاب (مكة المشرفة) لأبي الوليد محمد بن عبدالله الأزرقي -حفيد المؤلف الأصلي- ويشير أنه نَشر في ليبزج 1858م، كما يشير إلى جهوده في نشر منتخبات من الجزء الثاني من كتاب أبي عبدالله محمد بن إسحاق بن العباسي الفاكهي. ** وفيما يتّصل بتاريخ المدينة فيشير بروكلمان إلى أن (فستنفلد) نشر كتاب محمد بن الحسن بن زبالة، حيث أخرج نصوصه من كتاب السمهودي (وفاء الوفاء). ** وكنتُ قد ذكرتُ في المقالة السابقة، واعتمادًا على ما ذكره الدكتور عبدالرحمن بدوي في موسوعته عن المستشرقين أن الكتاب الذي أخرجه هو كتاب ابن شبّة المعروف باسم تاريخ المدينةالمنورة، لكن يبدو أن مقولة بروكلمان أقرب إلى الصحة، وهي أن المقصود هو كتاب (محمد بن الحسن بن زبالة) الموسوم (أخبارُ المدينة) الذي أتمّه في شهر صفر سنة 199ه، سبتمبر - أكتوبر سنة 814م. ** انظر: تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، ترجمة عبدالحليم النجار، دار المعارف، ط4، ج3، ص22-23. ** وقد أخرج الباحثُ صلاح عبدالعزيز زين سلامة نصوص كتاب (أخبار المدينة) لابن زبالة، لكنه اكتفى بمقولة بروكلمان بأنه أي (ابن زبالة) أوّل مَن ألف في تاريخ المدينة، دون ذكر جهد (فستنفلد) المشار إليه عند بروكلمان. ** انظر “أخبار المدينة لمحمد بن الحسن بن زبالة، جمع وتوثيق ودراسة صلاح عبدالعزيز زين سلامة، مركز بحوث ودراسات المدينة (8)، ط 1424ه -2003م”. ** ولم أجد -أيضًا- في النسخة المحققة من كتاب أخبار مكة في قديم الدهر وحديثه للفاكهي، والتي قام بتحقيقها تحقيقا علميًّا دقيقًا ومميّزًا فضيلة الشيخ عبدالملك بن عبدالله بن دهيش، ذكر جهود (فستنفلد) في نشر منتخبات من الجزء الثاني من كتاب الفاكهي، والتي تمت في (ليبزج) Leipzig سنة 1895م، أي قبل حوالى قرن ونصف، وإنصافًا للحقيقة فإن الزميل الدكتور فواز الدهاس قام في أطروحته للدكتوراة بجامعة (إكستر) البريطانية بدراسة الفاكهي ومؤلفه من تاريخ مكة، كما قام الأستاذ الدكتور سليمان الغنّام بدراسة عن كتاب (ابن شبّة) تاريخ المدينةالمنورة، بإشراف المستشرق المعروف إدموند بوزورث، وأشرت إلى هذه المعلومة في كتابي المدينةالمنورة بين الأدب والتاريخ.