تظلّ المنتديات بكل أشكالها انعكاسًا واضحًا لسلوك مجتمعاتنا بسلبياتها وإيجابياتها، قبل أيام تحدّث إليّ أحد الإخوة الكتّاب الشباب عبر الماسنجر، وقد كان من أولئك الذين لم ينلهم حظ وافر في طبع ديوانه الشعري، أو حتى الحصول على الشهرة التي يستحقها، لكني حاولت تشجيعه وتبديد سحابة التشاؤم التي لفّت أركانه، ثم عرضتُ له تجاربي الناجحة في نشر بعض قصائدي ومقالاتي في عدة صحف ومجلات محلية وعربية، وأن الطريق طويل يحتاج إلى صبر ومثابرة لإثبات الذات، لكنه صعقني بجوابه الغريب -والذي ليس بغريب، ولكني ربما لا أود سماعه- فقال: إن للقلم النسوي بريقه الذي لا ينطفئ، فينال حظًا وافرًا من الاهتمام في مجتمعنا الذكوري كونه يصدر عن أنثى. لحظتها تذكرت ذلك الشاب -البائس- الذي سجّل عضويته في أحد المنتديات الأدبية والثقافية، ولمّا لم يحظَ بترحيب كبير من قِبل الأعضاء، ولم يرحب به سوى ثلاثة فقط: عضوتان من الإناث وعضو ذكوري، أخرج موضوعًا يرثي فيه حاله في هذا المنتدى الراقي، ويتمنى لو أن لحقت باسمه تاء التأنيث، ليس ليلقى الترحيب من كل أعضاء المنتدى فحسب، بل ليجد قائمة الصداقة وصندوق الرسائل الخاصة ممتلئًا لديه. ربما نظن أنه عالم افتراضي لا صلة له بالواقع، ولكنه ربما يكون في الحقيقة أسوأ من الواقع. فالشبكة العنكبوتية أكثر أمانًا وسرية، ويظل الآخر ينظر إلى المرأة في إطار علاقتها بالرجل وهي لن تتجاوز ذلك مهما كانت مثقفة، أو مفكّرة، أو مبدعة. لا أخفيكم بأني شعرت باهتزاز ثقتي بنفسي لبعض الوقت فهذا يعني أني مكبّلة بقيود المجاملة والخديعة، ولا وجود للصدق والموضوعية عند تناول نصوصي بالقراءة والنقد، ولكني استرجعت ذاتي من جديد وقلت في نفسي: ربما تكون المرأة هي السبب عندما باعت نفسها بمتاعٍ زائلٍ، ولا حلّ سوى بأن نثبت لهم جدارتنا، وإن بقيت نظرتهم كما هي، فالرسالة السامية يجب أن تصل، والأمانة يجب أن تؤدّى سواء بتوقيع ذكرٍ أم بتوقع أنثى..!