آن الأوان بالتكرم باستخراج ما في طاقاتنا من قوى كامنة ، ونوجهها نحو أن تعمل وتبني وتخدم أهل هذا الوطن الحبيب ، وتخدم ترابه الطاهر ، وتسعد الأجيال القادمة التي قلما فكرنا فيها . آن أوان الإخلاص في العمل ونبذ الأنانية والفردية المقيتة والسعي الأحمق وراء الثراء على حساب الآخرين . جاءت اللحظات التي كان من المفترض أن تجيئ من زمن بعيد مضى والتي ننعم فيها بثمرات يانعة من جراء الخوف من الله عز وجل والعطاء والحب والتفاني ومراقبة الضمير . آن الأوان أن نقوم بالتخطيط طويل الأجل ، لأننا تعبنا من عواقب التخطيط قصير المدى الذي لا يتعدى نطاق أقدامنا ولا يتخطى حدود اليوم الذي نحيا فيه . ما جدوى المال ؟ إن لم يسعدنا ويعمل على رفاهيتنا جميعاً ؟ ما جدوى الأرصدة المرتفعة في البنوك بينما تهوى المنازل والمساكن وينحدر معها إلى الحضيض الشعور بالأمن النفسي والفكري ؟ ما جدوى الرفعة المؤقتة بينما نمكث باقي العمر خلف القضبان النفسية والأسر المعنوي ؟ ويُشار إلينا بالبنان أننا ساهمنا في التدمير والتشريد وإيلام الأنفس وتفريق الأسر والأحباب ؟ ما جدوى التمتع بالراحة والبحث عن المصلحة الشخصية ؟ بينما يلهث المئات من إخواننا وأخواتنا وراء لحظة قيلولة يصعب عليهم التنعم بها ؟ أنريد أن نرفل بالنعيم والرخاء والرفاهية؟ أنتطلع إلى أن نواكب التطور ونلحق بالسباق العالمي ونتميز بين باقي الأمم ؟ أنأمل أن نمتاز بالجودة الشاملة ؟ ويكتب على مر العصور ويسجل التاريخ أن ذكرانا خالدة وأعمالنا راسخة عبر الأجيال؟ أنطمح أن يعيش أبناؤنا وأحفادنا وأحفاد أحفادنا في عالم عادل ؟ فلننهض سوية إذن .. ونتطلع نحو القمة ، ونتكاتف يدا بيد .. ونبدأ الخطى حثيثاً نحو العمل الدؤوب ، والإنتاج الذي يأبى الراحة ، ولننغمس في حب الله ثم الوطن ، ولننسَ الخلافات والفرقة ونترك وراءنا الذكريات المؤلمة ، ولنلهث وراء الأجر من رب العالمين ، ولنركب موجة التحديات ، ونشتت بقوانا المتحدة العقبات ، ولا ننتظر الهبات أو العطايا الجاهزة المغلفة بالزخارف ولكنها سرعان ما تندثر وتتبخر ، ولنفكر في الآخر .. «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» أين نحن من هذا الحديث النبوي الشريف ؟ الذي هو معيار للتحضر والآدمية الراقية ، ولنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم . د. تغريد مالك جليدان - جامعة طيبة