رغم أجواء التفاؤل التي سادت افتتاح قمة المناخ في كوبنهاجن التي بدأت اجتماعاتها أمس بحضور 192 من ممثلي دول العالم بما هو متوقع منها من صدور اتفاق جديد بديل لاتفاقية كيوتو السابقة التي رفضت الولاياتالمتحدة الانضمام إليها بالرغم من مسؤوليتها عن انبعاث ما مقداره 22% من الغازات الكربونية على الصعيد العالمي ، وبما هو مؤمل من صدور قرارات حاسمة عن تلك القمة تساهم في التقليل من مخاطر الاحتباس الحراري على صحة الإنسان والبيئة ، رغم أجواء التفاؤل تلك ، فإن العديد من المراقبين لا يخفي تخوفه من إمكانية عدم توصل تلك القمة إلى اتفاق عالمي يهدف إلى خفض درجة حرارة الأرض بدرجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل التصنيع ، وذلك كإجراء وقائي للفيضانات والكوارث الطبيعية المحتملة من جراء انصهار الجليد في القطب الشمالي إلى جانب ما يثيره ذوبان الجليد في السهول القطبية من إطلاق غاز الميثان وارتفاع مستويات مياه البحار والمحيطات. لعل أهم مؤشرات التفاؤل بنجاح القمة تغير الموقف الأمريكي من هذه القضية المتمثل في موقف الرئيس أوباما الذي وضع مكافحة التغير المناخي ضمن أولوياته واتخاذه عدة خطوات عملية على هذا الصعيد ، وهو العكس تمامًا لموقف الإدارة السابقة التي رفضت الانضمام إلى اتفاقية كيوتو التي دخلت حيز التنفيذ في فبراير 2005 ، أما المؤشر الآخر فيتمثل في التخوف العالمي من موجات التسونامي المتلاحقة التي ضربت العديد من شواطئ العالم بما في ذلك شواطئ الولاياتالمتحدة وما نجم عنها من نتائج كارثية ، والعمل من أجل الحد من هكذا كوارث محتملة مترتبة على ظاهرة الاحتباس الحراري. مؤشرات عدم التفاؤل تأتي من الولاياتالمتحدة أيضًا ، وتتمثل بالتخوف من إمكانية موافقة الرئيس أوباما على الإجراءات التي من المنتظر أن توصي بها قمة كوبنهاجن للحد من الاحتباس الحراري ورفض الكونجرس للتصديق على الاتفاقية كما حدث في عهد الرئيس كلينتون عندما رفض الكونجرس المصادقة على اتفاقية كيوتو. القمة من هذا المنطلق تمثل فرصة قد لا تتكرر لحشد الجهود الجماعية الدولية لمواجهة هذا التحدي العالمي وهو ما يتعين على المشرعين الأمريكيين إدراكه قبل غيرهم.