ألم المليك نابع من المفاجأة ففي الوقت الذي يحرص فيه خادم الحرمين على القضاء على الفقر والبطالة ومن ثم الاهتمام بالمرافق الصحية والتعليمية يكتشف ان احدى المدن الكبيرة في المملكة تعاني من هشاشة في الأساس كنت اتحدث مع الزميل الصديق الدكتور محمد الاحمدي (وهو ناقد كبير اعتز بملاحظاته بعد كل مقال) عن كارثة جدة التي ذهب ضحيتها اكثر من 110 من الابرياء لا ذنب لهم سوى الصدفة التي جعلتهم اول الضحايا لبنية تحتية هشة انكشفت في اول اختبار مناخي عادي جدا. واستعرضنا الدكتور وصاحب المقال اعلاه عديدا من الماسي التي نبهت الى زلازل مقبلة جعلت البعض سعيدا بهذه الماسي التي جنبت الدول كوارث اكبر بكثير مثل قضية جهيمان والحرم المكي وكذلك الهجوم بالطائرات في 11 سبتمبر 2001 على ابراج مانهاتن بنيويورك بمشاركة 15 سعوديا من ضمن 19 انتحاريا واخيرا ماساة مدينة جدة. ثم الى قرارات خادم الحرمين عبدالله بن عبدالعزيز التي ضربت بيد من حديد على منابع الفساد والاهمال والاستهتار من خلال تشكيل لجنة عاجلة تدرس المسببات والحلول وتضمن عدم تكرار ما حدث. قضية جهيمان نبهت الى بداية الشرر بتغلغل الفكر المتطرف بين مجموعة من صغار السن ممن استغفلوا وخدعوا بشعارات دينية مضللة فاندفعوا الى الحرم المكي متصورين انهم بذلك سيستقطبون الكل ويقيمون حكومة اسلامية (وكأنما الحكومة السعودية علمانية الهوى) وبالطبع طلع نقبهم من شونه وانهيت حركتهم كما يعرف الجميع. هجوم مانهاتن ورغم انه حدث في نيويورك في امريكا الا ان نصيب الاسد من المهاجمين كان سعوديا الامر الذي صب الاعين على المسببات وادى الى تحويل الانظار الى المملكة من دولة تصدر البترول الى تصدير الارهابيين وبطبيعة الحال؛ الحدث لا يعبر عن تغلغلهم في المجتمع السعودي رغما عن خطورته ولكنه جعلنا تحت مظلة النقد الذاتي لكل امورنا التعليمية والاجتماعية. وطبعا الامر الثالث هو مأساة جدة التي نبهت الى كوارث كانت ستحدث بشكل اخطر بكثير، سواء في جدة ببنيتها التحتية او بحيرة المسك التي لو كانت انفجرت (لا سمح الله) لغرقت كل مدينة جدة، والامر نفسه اوحى للمدن الاخرى بمراجعة التصريف الصحي والطرق والجسور والانفاق التي رسبت في جدة من الدور الاول. المليك كان واضحا وشفافا وقالها بشكل صريح وحازم ومستنكر عن كيفية حصول الامر في جدة بينما هناك دول اقل امكانيات ويحدث بها امطار اكثر واقوى واشرس ولا تتأثر كما حدث لعروس البحر الاحمر. نعم تألم المليك لما لمسه من تخاذل وفساد سبب الكارثة رغما عن ان الامكانات المادية قد سهلت لمسؤولي المدينة. ألم المليك نابع من المفاجأة ففي الوقت الذي يحرص فيه خادم الحرمين على القضاء على الفقر والبطالة ومن ثم الاهتمام بالمرافق الصحية والتعليمية يكتشف ان احدى المدن الكبيرة في المملكة تعاني من هشاشة في الأساس. اي ان الامر اشبه بمالك لمنزل يزيد الغرف في الدور العلوي بينما اساس المنزل ضعيف ومهترئ. ما حدث لجدة بالضبط كما نراه من انهيار في العمائر الكبيرة التي بنيت على قواعد ضعيفة. ان المملكة الان في حاجة الى الوقاية قبل حاجتها الى العلاج في اي شأن او امر يعنيها، وبحاجة الى فعل وليس ردة فعل، وحتى حدودنا الجنوبية الآن التي دافعنا بها عن الوطن نتجت عن رد فعل مع ان ما حدث كان متوقعا منذ فترة في ظل التمركز في تلك المنطقة والمطامع التي يغذيها اخرون لقياديي الحركة المتمردة هناك. لسان حال المليك يقول ماذا تريدون لكي تعملوا ؟ وفي نفس الوقت وجه رسالة قوية للجميع ان القادم هو محاسبة عسيرة ستقطع دابر المفسدين.