بداية نسأل الله أن يتغمد شهداءنا في سيول جدة بواسع رحمته وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان. ثم انني تعمدت صباح الأربعاء الفارط بعد أسبوع واحد من كارثة تسونامي قويزة في مدينة جدة أن أستمع إلى الإذاعات السعودية بحكم وجودي في مدينة جدة وأثناء التحذيرات التي أطلقتها هيئة الأرصاد وحماية البيئة عن هطول أمطار ربما تجرف بحيرة ( المسك ) وهي البحيرة التي - ظلموها بهذا الاسم - فتغرق أحياء عدة من هذه المدينة التي كانت في يوم من الأيام عروسا للبحر الأحمر فأصبحت عجوزا هرمة لم يبق من حياتها إلا القليل – والأعمار بيد الله-. أقول تعمدت أن استمع إلى الإذاعات لأعرف ما إذا كان هناك تحذيرات أو توعية تطلقها في خضم الأحداث لاسيما وان السماء كانت ملبدة بالغيوم وقتها وكان هناك أمطار خفيفة تهطل على الحي الذي أقطنه. أدرت المذياع على إذاعة القرآن الكريم فوجدت قارئا يقرأ القرآن قلت ربما أنه يواسي المستمعين. انتقلت بعدها إلى إذاعة الرياض ووجدت برنامجا يتحدث عن المرأة وجمالها .. ولا أعلم ما علاقة جمال المرأة بحادثة جدة الأليمة خصوصا لقاطني جدة. قلت في نفسي ربما أنهم معذورون لأن الإذاعة تبث من الرياض فلماذا تحرج نفسها وتحذر أهالي جدة. فأدرته صوب إذاعة البرنامج الثاني التي تبث من جدة لعلها تبلغني عن الوضع القائم. لاسيما وأن الجميع في حالة استنفار قصوى. ولكن مع الأسف الشديد لم أجد سوى تمثيلية إذاعية ليس لها علاقة مطلقا بالحادث. قلت يالله ( عديها ) خلينا نشوف إذاعة الإم بي سي اف ام يمكن أنها أكثر حرصا من غيرها. فلم أجد إلا – كعادتها- أغانٍ وطبول. لا أخفيكم أنني حزنت حزنا شديدا أن بلغ بنا التهاون لهذا الحد. وتساءلت في نفس الوقت أهو من الإذاعات أم من التقنية أم من ماذا هذا القصور تجاه التحذير من كارثة مماثلة ممكن أن تقع في لحظات؟ لماذا إذاعاتنا التي تبث برامجها في جدة لم تغير سياستها وتتحدث عن الحدث وتكون بمثابة قنوات تواصل قوية بين ما يحدث على الواقع وبين المواطنين والمقيمين من أهالي جدة؟ لماذا لا يتم إيقاف البرامج من الإذاعات ويتم التركيز في هذه المنطقة على الحدث بحيث تكون وسائل تحذيرية وإنذار وتوعية؟ أتمنى من المسؤولين في وزارة الإعلام أن يصدروا توجيهاتهم بتكييف هذه الإذاعات في بثها حسب الأوضاع التي تحدث في محيط الإذاعة أو أن يسمح بإطلاق إذاعات من داخل المدن والمناطق التي تحدث فيها الكوارث لتحذر الناس وتنذرهم وتوجههم وتوعيهم بما يجري على الأرض. وأخيرا.. هل تعلمون أن فيضانات قويزة انطلقت قبل أن تصل قويزة بثلاث ساعات؟ فلو أن هناك بثا إذاعيا يحرص على ما ينفع الناس يطلق تحذيراته للقاطنين بتلك الأحياء. فيخفف من حدة الحدث ولا نفقد أكثر من 140 شخصا وثلاثة مليارات خسائر في الممتلكات والله أعلم ماذا ستسفر عنه الأيام القادمة من نتائج البحث. إن حال إذاعاتنا حال إيليا أبو ماضي عندما قال: قال السماء كئيبة وتجهما قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء