هنالك أكثر من سبب يدعو إلى الاستغراب في إقدام دولة أوروبية كسويسرا إلى إجراء استفتاء شعبي هو الأول من نوعه كونه يتعلق برمز من رموز العبادة لدى المسلمين وأن تأتي نتيجة هذا الاستفتاء حظر بناء مآذن المساجد على أراضي هذا البلد ، بما يعني في حقيقة الأمر حظر بناء المساجد ذلك أن قبة المسجد أو المئذنة هي عماد المسجد ومنها يرفع الأذان. فالمسلمون في سويسرا لا تزيد نسبتهم عن 5% من تعداد السكان ، وهم لا يشكلون خطراً على الدولة ، كما أن سويسرا نفسها التي تتمتع بتراث عتيد على صعيد الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لا تدخل في أحلاف أو معاهدات مع أحد وهي بلد محايد تاريخياً وغير مستهدف من أي طرف مسلماً كان أو من أي ديانة أخرى، ولذلك كان يتوقع من الشعب السويسري الذي أفزعته الدعاية المغرضة أن لا ينساق وراء اليمين المتطرف ويتخذ هكذا موقفًا استنكره بابا الفاتيكان ومنظمة العفو الدولية ومؤسسات الاتحاد الأوروبي التي عبرت على الفور عن شجبها لهذا العمل الذي لا يمكن فهمه إلا أنه إساءة جديدة تضاف إلى سلسلة الإساءات المتكررة التي يرتكبها بعض الغربيين من ذوي الفكر المتطرف والنزعات العنصرية في حق الإسلام والمسلمين تحت غطاء حرية التعبير التي تعني هنا فقط حرية التعبير عن كراهية الإسلام. إن منع الإرهاب أو ما يشجع عليه لا يكون بهكذا قرارات خاطئة تنتج عكس ما ادعاه المتشددون السويسريون في تبرير عرض الموضوع على الاستفتاء الشعبي، وتصحيح هذا الخطأ يتطلب إعادة النظر في الأمر والعمل على إلغائه بأقصى سرعة ممكنة لأن مثل هذه القرارات لا يمكن أن تجلب لسويسرا سوى الضرر كما قال الرئيس السويسري نفسه ومعظم أعضاء البرلمان الذين شددوا على حرية المعتقد الديني وممارسة الشعائر في أماكن العبادة بما فيها المساجد. المطلوب من المسلمين بعد أن قدموا للعالم تلك الصورة المشرفة أثناء موسم الحج أن يقوموا بواجبهم نحو نصرة إسلامهم ورسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- بكل الوسائل والأساليب العقلانية والحضارية، التي تنسجم مع الصورة الحقيقية المشرقة لإسلامنا الحنيف.