يحتفي أهل جدة بعبارة (جدة غير) وحفاوتهم تأتي من ان جدة مدينة مميزة في أمور كثيرة، وصارت هذه العبارة شائعة على الألسنة، حتى صارت جدة غير حتى في المطر، فجدة تغرق من شبر ماء، ولكنها هذه المرة كانت كارثة، وكانت امطار السنين الماضية كافية لمعالجة هذا الوضع المأساوي، غير انه في كل مرة تكتب الصحف وتكثر التصريحات حتى يأتي المطر مرة أخرى ليذكر مسؤولي جدة ان مدينتهم غير، فلا يكفيها البحر حتى تصبح احياؤها بحوراً يسبح الناس فيها ان لم يغرقوا أو تتلف ممتلكاتهم. اكتب هذه السطور صباح عيد الاضحى والألم يعتصر قلوب الناس ومنهم من يتقبل العزاء، ومنهم من يعيش في مخيمات الإيواء ونشرت المدينة (9/12/1430ه) صوراً لاضرار الامطار في جدة لا تكاد تصدق، وتصريح امانة جدة ان اعمال الشفط مستمرة على مدار الساعة، وهذا في مدينة كبيرة يواجه فيها تصريف السيول بالشفط، ونشرت صورة لغرف الصرف والماء يفور منها كأنه نافورة، وبدلاً من ان يصرف الماء من خلالها صار ينبع منها، وكل ذلك غير جديد فهو متكرر في كل مرة يأتي فيها المطر، ولكنه في هذه المرة كشف كل الامور، وعسى ان يكون درساً لمن وعى لئلا يتكرر مرة اخرى، وحوادث الزمان دروس وعبر في وضع الخطط ورسم المستقبل. جدة لا تشكو من قلة انفاق الاموال عليها من الدولة، ولذا لا بد من فتح كشف محاسبة لكل مسؤول تولى امانة جدة، وهل المدينة تنمو على اساس استراتيجيات وخطط ام ان سعار تجارة الاراضي قد وصل الى ان يتسبب في الكوارث. المعروف ان هطول الامطار لدينا قليل، ولكنها اذا نزلت تهطل بكميات كبيرة تسيل منها فحول الاودية، وهذه الاودية قديماً كانت لها مجاريها التي تصب في البحر ويعرف كبار السن ان الناس لم يكونوا يعترضون مجاريها او يسكنون فيها، فلماذا تحولت مجاري الاودية الى احياء سكنية، وما حصل قبل سنوات في حي الأمير فواز شاهد على ذلك وهو ليس حياً عشوائياً. جدة بحاجة الى لجنة تحقق وتعلن النتائج، والى هيئة اخرى لمعالجة وضعها والا ستبقى المشكلة (تغرق الشوارع ويموت الناس، وتتلف الممتلكات كلما نزل المطر) ولا بد من المصارحة في هذه المرة، لا بد من مساءلة كل مسؤول تولى امانة جدة، وهل السبب من ادارته ام من عدم توفر اعتمادات أم من عدم تنفيذ الخطط؟ اسئلة تحتاج الى جواب عملي لا الى تسويف او التماس اعذار فجدة بحاجة الى مشروع انتشال والا سينزل المطر رحمة الا على جدة فسيكون نقمة، رحم الله من مات وعوض من خسر، وحفظ بلادنا كلها من كل سوء.