الجرس الأول: الموت حق ولكن من ساهم في موت العشرات من أبناء جدة في كل (موسم أمطار) بل من المسؤول عن هذا الإهمال الذي يودي سنوياً بعشرات الضحايا حتى أصبح اسم المطر (كابوساً) يجثم على جدة وأهلها مع أن العالم كله يفرح بالمطر بل إننا في هذه البلاد الطاهرة نصلي كثيراً من أجل أن يتكرم الله علينا بالمطر لما فيه من إصلاح شؤون العباد والبلاد إلا (جدة وأهلها) يخافون من كل غيمة تتكون في سمائها بل يفزعون حد الرعب من صوت (الرعد) والتماعات البروق لمَ لا؟ أليس لهذا المطر ضحايا ينتظرون قدومه يرحلون مثل غيرهم الذين رحلوا السنوات الماضية دون أن (تتحرك) الجهات ذات العلاقة لمعالجة الاسباب الحقيقية التي تؤدي بأرواحهم. هل لأنهم فقراء يسكنون في بيوت متهالكة تنتمي مثل غيرها (لحواري) تشكو من انعدام أبسط كماليات الحياة اليومية (مثل الصرف الصحي - وتصريف الأمطار) أم لأنهم يسكنون في مدينة (الكباري) والمجاري والشعوب المتخلفة والتي شكلت نسيجاً غريباً لهذه المدينة التي كان من المفترض أن تكون (عروس البحر الأحمر) فأصبحت (أرملة البحر) بل تستحق أن تنضم للمدن المنكوبة عالمياً. لن أجامل أحداً بل لن أهادن على حساب مصلحة الوطن ومقدراته البشرية وأولها (رجال الدفاع المدني) والهلال الأحمر السعودي الذين يدفعون أرواحهم فداء للإنسان في هذه المدينة. الجميع (يقصر) بل يمعن في التقصير وحدهم فقط هؤلاء الرجال البواسل هم من يدفع ضمن أخطاء (امانة جدة) وبلدياتها المختلفة وجشع التجار ناهيك عن (أخطاء) شركة المياه والصرف الصحي وخلافه فلماذا يدفع المواطن الثمن مرتين (مرة لدفع الرسوم) الباهظة وأخرى لدفع روحه ثمناً لهذا الإهمال. ولو كنت مكان المسؤولين في الدفاع المدني (لحاكمت) هذه الجهات على تقصيرها بل لطالبتها بتعويض عن (الخسائر البشرية والمالية) التي تهدر جراء تحمل التقصير المطرد والذي لا نعلم متى يتوقف؟ بل من المسؤول عن إيقافه ومحاسبة هذه الجهات عن تماديها وعدم اكتراثها خاصة وأنها المعنية بمثل هذه الحوادث، (لجان الأزمات) المؤقتة لن تحل شيئاً والمبالغ المدفوعة للمتضررين لن تغنيهم عن (الأرواح) التي راحت ضحية سوء التخطيط - وعشوائية التنفيذ. الجرس الثاني: الموت حق ولكن. ألم نتعلم أن الموت هو (الإهمال) بل هو أهم الأسباب لفقدان هذه الأرواح البريئة فكلنا يعرف أن الأمطار (تزور) كل بقاع العالم وتحدث بعضها أضراراً ولكن ليس كما يحدث في (جدة) هذه المدينة المغلوبة على أمرها والتي عندما نتجول فيها بعد الأمطار (نرثي لحالها) كما كنا نشعر تجاهها من قبل فحالها لا يسر قبل المطر وبعده. ولن يصلح حالها ما دمنا لا نحاسب أحداً. ستظل تأكل نفسها وأهلها وتتناقص أطرافها حتى وسط جدة (كم بودي) لو رأى الناس طريق المدينة وبالذات قبل مبنى وزارة الخارجية. كان المنظر مروعاً وكأننا نشاهد (فيضانات تسونامي) طبعاً -المطر من جهة والبيارات من جهة أخرى ومواسير المياه التي انفجرت ثالثاً وأخيراً- فأصبحت المياه تتدفق من كل صوب لتتجمع أمام (بحيرة الأربعين) هذه البحيرة التي تنافس (بحيرة المسك) في رائحتها التي تتسبب للمارين بجوارها (بالاختناق) للأسف أن هذا الحدث يتكرر كل عام ولا زالت (الأمانات الموقرة) التي تعاقبت لم تعرف سر هذه (العطور) التي تنبثق من بحيراتها المتناثرة. الجرس الثالث: الموت حق.. ولكن ليس ضحية للإهمال واللامبالاة. الموت حق نعم رحم الله شهداء جدة الذين ماتوا في سبيل قصور مسؤولين لم يحرك أحدهم ساكناً لعدم تكرار هذه المآسي عاماً بعد عام. اللهم أرحم موتانا وموتى المسلمين أجمعين اللهم آمين لكن جدة (ما أكثر ضحاياها) فمنهم من مات (بحمى الضنك) وآخرون بالوباء الكبدي والآخرون من الأمطار والسيول والمجاري اللهم أرحمهم وأرحمنا فقد مللنا هذا الوضع الذي لا نعلم متى يتغير. خاتمة: من لم يمت بالسيل مات بغيظه؟!!