اكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبد الله آل الشيخ في خطبة عرفة امس ان البلد الأمين في أيدٍ أمينة قوية لا تسمح لا لمفسد أو مغرض أن يدنسه أو يخل بأمنه أو أن يقلل من شأنه ، وتظل بالمرصاد لكل عدو عابث ، وقال سماحته إن من التحديات التي يواجهها المسلمون ما يقوم به بعض المحسوبين على الاسلام بإيقاظ الفتنة والحرب والتقاتل بين الاشقاء وتغذية السفهاء الذين غرروا بهم وخدعوهم تحت قضايا مزعومة ارادوا بها ضرب الأمة في صميمها وتشتيت شملها وتفريق كلمتها واستعداء الاعداء عليها. واضاف : إن من عظيم جهل أولئك وضلالهم عزمهم على تسييس الحج والاضرار بأمنه وإحداث الفوضى والشغب ولكن يأبى الله عليهم ذلك والمؤمنون . ودعا سماحة المفتي العام رجال الاقتصاد إلى التحرر من التبعية الاقتصادية وأن يوجدوا أصولا للاقتصاد الاسلامي مبتعدين عن المحرمات وان يوجدوا سوقا إسلامية لتبادل السلع بين المسلمين لتحمي مجتمع المسلمين ، مبينا ان ذلك أمانة على رجال الاقتصاد المسلمين لافتا إلى ما يسمع من الانهيارات الاقتصادية وإفلاس بعض الشركات . وأبرز سماحته عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمن في المحافظة على الأمة في كل المستويات وفي كل المجالات ، لاسيما الفكري والعقدي بالمحافظة على المسلمات والثوابت من الانحلال والتميع والأخذ على أيدي المستفزين والمجرمين . الانحراف العقدي وقال «إن الأمة الإسلامية ما زالت تعاني في عصورها المتأخرة من بعض التحديات العظيمة والخطيرة ومنها الانحراف العقدي وهم الذين استبدلوا العقيدة الصحيحة بمبادئ كفرية و مناهج منحرفة مما أثر على العقيدة الصحيحة ولذلك فالاهتمام بالعقيدة الصحيحة من أجلّ المهمات وأعظم الواجبات». واستعرض سماحته تحديا اخر يواجه الأمة وهو التشكيك برسول الله صلى الله عليه وسلم والقدح فيه وفي سنته مبينا أن محبة رسول الله شرط من شروط الإيمان وواجب الامة الدفاع عن رسول الله وسنته ودفع كل الشبه بالحق المبين وان تطبيق المسلمين للسنة في أقوالهم واعمالهم هى دليل على محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولفت سماحته الى ان من التحديات التي تواجه أمة الإسلام أيضا انتشار السحرة والمشعوذين الذين لا خير فيهم الذين يزعمون علاج الامراض والإخبار بالمغيبات إلى غير ذلك من ضلالاتهم وهم ليسوا أصحاب علم شرعي أو أطباء مختصين أصحاب أبحاث علمية . ولكن الدجل طريقهم وغايتهم محذرا منهم وداعيا لمحاربتهم بكل الطرق وشتى الوسائل. كما بين سماحته أن من التحديات العظيمة التي تواجه المسلمين في العالم اليوم انتشار المعاصي في العالم الاسلامي وكثرة الجهل بالأمور الشرعية مما أدى إلى التباس الأمور بين كثير من الناس بين الحلال والحرام ، مبينا أن صمام الأمان هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من خصائص هذه الأمة. تحريف الكتاب وأبرز سماحته ضمن التحديات التي تواجهها الأمة ، تحريف معاني ونصوص الكتاب والسنة من أعداء الأمة الذين لجأوا إلى ذلك بعد عجزهم عن تحريف الفاظه ، وقال لقد سعوا إلى تحريف معانيها تحت اسم قراءة جديدة اغتراراً وانخداعاً بالحضارة الغربية ليلفقوا بينها وبين الاسلام وذلك عن هوى وجهل بقواعد الشرع بعيدا عن مضامينه الصحيحة وفهم السلف الصالح لها مؤكداً بقاء الأمة الاسلامية ما دام الكتاب والرسالة بإذن الله تعالى. واضاف أن الأمة تمرض ولكنها لا تموت ، هي خالدة بخلود كتابها ورسالتها باقية ما بقيت السماء دائمة ما دام الكتاب يتلى . وأكد سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمة مبينا أن للأمانة ميادين فاسحة ومجالات واسعة تتعلق بحق الله وحق العباد وتتعلق بالمصالح العليا للأمة. الالتزام بأوامر الشرع وشدد سماحة المفتي العام على ضرورة أن يلتزم المسلمون ببقية أوامر الشرع من الأحوال الشخصية والجنايات والحدود فهي أمانة يجب الامتثال لها وعدم الإخلال بشيء منها مؤكدا أن على المسلم أن يدرك أن الأوامر الشرعية هي لمصلحة العباد في عاجلهم وآجلهم وان النواهي التي نهى الله عنها من السحر والزنى والربا وقتل النفس وغير ذلك من المحرمات أمور يجب الابتعاد عنها وتركها طاعة لله ولأن في تركها مصلحة للعباد. وأوصى سماحته بالتزام أداء الفرائض وتجنب المحظورات فهي تكاليف شرعية ملزم بها كل مسلم فهو ليس حرا يفعل ما يشاء منبها مما يدعيه عباد الضلال بأن الإنسان حر يفعل ما يشاء فيقضي رغباته وشهواته دون دين او شرع أو عرف .. واصفا سماحته ذلك بأنه أمر عظيم وفيه دعوة للتمرد على الله وطمس لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن ذلك التشكيك في الحجاب. وألمح سماحته إلى ان هناك أمانة خاصة يحملها الأقوياء من الرجال الذين يخططون لمصالح الأمة العليا ولمشاريعها الكبرى . . فأولا الأمانة الملقاة على رجال السياسة الذي سبروا الاحوال وأدركوا الكثير من حقائق الأمور وما يراد للأمة ، عليهم ان يضعوا للأمة سياسة عادلة صالحة في الحاضر والآجل وان يكفوها شر المتربصين بها من اعدائها والمتخاذلين معهم وان يحرصوا على سياسة حكيمة تبعد الأمة عن التهور والصراعات السياسية والسياسة الطائشة وان يعلموا أنها أمانة وأن من أراد الدين بسوء فلابد ان يخذله الله فليضعوا سياسة تؤيد الشرع وتحفظ الأمة من الانزلاق ، سياسة تعالج قاضيا الأمة ، مرنة في أمورها تتمشى مع ما فيه منفعة الأمة في الحاضرة والمستقبل. الأمن الفكري وأبرز سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ عظم الأمانة الملقاة على رجال الأمن في المحافظة على الأمة في كل المستويات وفي كل المجالات ، لاسيما الفكري والعقدي بالمحافظة على المسلمات والثوابت من الانحلال والتميع والأخذ على أيدي المستفزين والمجرمين. كما أبرز الأمانة الملقاة على إعلام الأمة في ايجاد إعلام إسلامي بعيد عن الفحش ونشر الرذائل وعن التهويل والإثارة وعن تضليل الرأي العام وقال « ليعلموا أن الأمة تعاني من تدفق إعلامي في مجالاته الصحفية والفضائية والالكترونية ، وان هذا الانفتاح الكبير يوجب على الأمة العمل للمحافظة الشباب من هذه الضلالات تحت دعوى الحرية والتقدم والانفتاح والترفيه» مبينا سماحته أن الكثير من هذه القنوات تحمل أفكارا ضالة وآراء منحرفة وأفلاما ومناظر فاسدة مما يوجب على رجال الإعلام ومؤسساته التعاون لصد هذه الأخطار وإيجاد ميثاق شرف يحمي الأعراض والعقول من هذه الضلالات وان يكون الإعلام خادماً لقضايا الأمة مدافعاً عنها ، يعالج كل شيء ويقارع الحجة بالحجة . ثقافة الأمة وأوضح سماحة مفتي عام المملكة أن الأمانة الملقاة على رجال الثقافة تتمثل في أن يحافظوا على ثقافة الأمة المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم مشيرا الى ان السنة وتراثها الاصيل بتميزها الإسلامي يحمي الشباب من تلوث أفكاره بالدعايات المضللة وقال على المسؤولين عن مسائل اجتماع الأمة ان يحرصوا على المحافظة على الأسرة وانتظامها والبعد عن ما يشتتها ويضعف كيانها وان ينموا في الأمة روح التعاون والتعاطف والتراحم في الأمة ، وان تكون هذه العلاقة الاجتماعية إسلامية بعيدة عن التأثر بالقبلية أو الجنس أو اللون أو الفارق المادي . وأوصى الدعاة إلى الله أن يخلصوا لله في دعوتهم وان يهتموا بالعقيدة أولا وقبل كل شيء وان يغوصوا في مشاكل الأمة ليوجدوا الحلول لها وان يهتموا في تغيير الأخطاء والمنكرات بالتدرج وان ينوعوا الأساليب بخطاب أو حوار أو نحو ذلك ، وان يعلموا أن الدعوة إلى الله شرف وفضيلة وليست تجمعاً حزبياً ضيقاً ولا منظومة أفكار عوجاء ولكنها إيصال كلمة الحق الى النفوس . وأكد مسؤولية «المفتون» وأمانة هذه المسؤولية وأن تكون الفتاوى صادرة عن ما في الكتاب والسنة مبينا أن عليهم أن يتقوا الله ويعلموا أنهم موقعون عن رب العالمين ، محذرا من القول على الله بغير علم. وتطرق سماحة المفتي لأمانة أخرى هي أمانة ملقاة على عاتق المخططين للبيئة هي أن يحرصوا على المحافظة على البيئة وسلامتها من التلوث والنظافة الشرعية وسلامة الأبدان من الأمراض والأوبئة وإيجاد المراكز الوقائية لدفع المضار عن الأمة وبذل السبب النافع في ذلك». وخلص إلى أن تلك الأمانات - كلا في مجاله - مع اختلافها والمسؤولون عنها مع اختلاف منازلهم يجب ان يعلموا انها أمانات وليست غنائم ، وإنها تكليف وتشريف ، و عبادة وليست سيادة. وقال «مما يؤسف له أن بعض من أبناء المسلمين خططوا لشعوبهم ما ألحق الضرر بها فجعلوا المصالح الشخصية فوق وحدة الأمة وجعلوا الخلافات الشخصية فوق اجتماع الكلمة ، وما أحوج الأمة إلى تراص الصفوف واجتماع الكلمة». وخاطب سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ رجال الأعمال والأموال قائلا لهم : اتقوا الله فيما استخلفكم فيه من الأموال وجنبوها المكاسب الخبيثة وكونوا مثالا للتاجر الصادق الأمين الذي لا يخدع أمته ولا يدلس عليهم ولا يأكل أموالهم بالباطل ، ووظفوا أموالكم فيما يعود على الأمة بالخير وإياكم ونشر الفساد والباطل وان تكون أموالكم سلاحاً بأيدي أعدائكم ،احرصوا على تنمية الأصول الشرعية فيما ينفع الأمة في الحاضر والمستقبل . ودعا قادة العالم إلى قراءة منصفة للإسلام الذي هو دين الأنبياء كلهم منذ نوح عليه السلام إلى عيسى بن مريم الى محمد صلى الله عليه وسلم .. وإلى التفكر في هذا الدين الذي لا يقبل الله من احد ديناً سواه. وطالب سماحته رجال الفكر بالسعي والعمل على نصرة المظلوم ورد المظالم وإعطاء كل ذي حق حقه. كما طالب المفكرين والحكماء بالمسارعة إلى إنقاذ العالم من المعضلات والازمات الاقتصادية والسياسية التي يتعرض لها وقال : إن كثيراً من الأمور التي تنفق على سباق التسلح لو انفقت على إغاثة المنكوبين وشد عزيمة الدول النامية لكي تعيش في أمن وايمان لكان خيراً كثيراً . وتطرق سماحته إلى الحال في فلسطين حيث يعاني أهلها من حصار شديد وارهاب لم يشهد العالم له نظيرا ،متسائلا أين العدالة وحقوق الانسان وأين الضمير أمام هذه الاشياء ، ووصفها بأنها مصيبة عظيمة. شرف الخدمة وقال سماحته من خلال الاعتراف بالفضل لأهله فإن الله جلّ وعلا تفضل على هذه البلاد بقادة مخلصين ودعاة مصلحين شرفهم الله بخدمة بيته الحرام ورعايته فقاموا بخدمته خير قيام من توسعة للحرمين وإعانة للمسلمين وتيسير أمر الحجيج يبتغون بذلك وجه الله فجزاهم الله عما فعلوا خيراً وامدهم بعونه وتأييده. وحمد الله تعالى الذي حفظ للأمة بقاء دينها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين لافتا إلى أنه ما خلى قرن من القرون إلا وفيه داعٍ إلى الله يجدد للأمة ويعيدها الى رشدها ، لكن منهم من وفق بناصر ومؤيد ومنهم من ليس كذلك ، ومن الرجال المصلحين الذين دعوا الى الله ودينه شيخ الاسلام محمد بن عبدالوهاب الذي خرج في منتصف القرن الثاني عشر فدعا الى الله وتوحيده وإخلاص الدين له سبحانه ، فناصره الإمام محمد بن سعود رحمه الله ، وتعاضد الإمامان الكريمان على نصرة هذا الدين الى ان وفق الله الجميع ففتح الله على قلوبهم ، ونصرهم ونصر بهم الدين وأعادا الأمة إلى صحيح الإسلام. واستهجن سماحته ما تطرحه فضائيات تلفازية من سبّ ما يسمونه الوهابية وتلفيق التهم والاباطيل مدعين الكذب ، إذ إن محمد بن عبدالوهاب لم يدع الى مذهبه ونسبه وإنما دعا الى الله وإلى توحيده وإخلاص الدين له.