اليوم هو أول أيام عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعلى جميع مسلمي العالم بالخير والرفعة والأمن والاستقرار والرخاء بعد أن من الله على حجاج بيته الوقوف أمس على صعيد عرفة. ولكن ما يحز في النفس كمسلمين أن الأعياد تأتي وتذهب ونحن معشر المسلمين نعاني من الفرقة والتشرذم والمآسي والمحن والمؤامرات والفتن فمن صومال ممزق إلى فلتان امني في العراق إلى انقسام فلسطيني غير مبرر البتة إلى سودان تتلاعب فيه الأيدي الأجنبية والآن اليمن السعيد مستهدفة وكذلك مملكتنا الغالية. إنها بالفعل أمور محيرة وغريبة فكلما خرجنا من مشكلة وقعنا في مشكلة أخرى والنتيجة هي الذل والهوان والحرب النفسية التي تشن علينا من كل حدب وصوب بهدف طمس هويتنا الإسلامية وإذابتنا وجعلنا شعوبا وقبائل متناحرة لاتقوم لنا قائمة حتى يسهل التفرد بنا والقضاء علينا ونهب ثرواتنا وخيراتنا. هذا هو واقعنا الإسلامي الأليم الذي نعايشه الآن. القوة لنا تتمثل في فهمنا الصحيح لديننا الإسلامي الحنيف ، الفهم الذي يجمع ولا يفرق، ييسر ولا يعسر،يحترم ولا يهين ،الفهم الذي يجعلنا أكثر ترابطا وتسامحا مع جميع شعوب الأرض وأديانها ومذاهبها ومعتقداتها بعيدا عن الغوغائية وشريعة الغاب، بعيدا عن الإرهاب واسا لة دماء الأبرياء بدون وجه حق وبدون وازع من ضمير. الفهم الصحيح لديننا العصري آخر الديانات هو في احترام المذاهب الإسلامية ، واحترام المعتقدات ، واحترام وجهات النظر للآخرين، وتقبل الآخر بسلبه وإيجابه والدعوة بالحكمة والموعظة والمجادلة الحسنة التي امرنا بها هذا الدين الإسلامي العظيم. قوتنا كمسلمين تنبع من احترامنا لهذا الدين العظيم وعدم الإساءة إليه بأي قول اوفعل أو سلوك منحرف يخالف ما جاء به هذا الدين. ما نريد قوله والتأكيد عليه هو التمسك بثوابت هذا الدين ،أما الأمور الأخرى الخلافية التي يختلف عليها علماء الأمة الإسلامية ويجتهدون فيها فيجب احترامها وعدم المساس بها ، فكما يقال «اختلاف الأئمة رحمة بالأمة». ولكن ما نشاهده الآن ونسمع ونقرأ عن البعض من علماء المسلمين ومن البعض من طلبة العلم الشرعي نجد أنها لا تبعث على التفاؤل البتة، فنحن نلحظ من خلال وسائل الإعلام المختلفة والشبكة العنكبوتية « الانترنت» الصراخ والتشنج وتبادل الشتائم عند مناقشة أمور خلافية سواء داخل المذهب الواحد اوبين المذاهب الإسلامية المختلفة وهذا إن دل على شي فإنما يدل على جهلنا وعدم معرفتنا المعرفة الصحيحة بثوابت الدين الإسلامي التي نعتمد عليها في مناقشاتنا ومجادلاتنا وحواراتنا التي تسمو بهذا الدين وتمنع عنه نعته بدين التطرف والتخلف. فالنقاشات العقيمة غير المجدية والإساءات للمسلمين بمختلف مذاهبهم وطوائفهم الذين يشهدون ب ( لا الله إلا الله وان محمدا رسول الله) وتكفيرهم ونعتهم بمصطلحات تنم عن تحقير لآدميتهم ودفعهم لكره الدين والإتيان بأمور عكسية انتقاما ليس فحسب من هؤلاء الجهلة بل انتقاما من هذا الدين بسبب أولئك الجهلة الذين لا يفهمون الدين الفهم الصحيح ، ويجهلون ثوابت الدين الإسلامي الحنيف الذي يحثنا بل يأمرنا على المعاملة الطيبة فالدين المعاملة ويأمرنا بالتسامح والإحسان لمن يسيء لنا، والتعاون على البر والتقوى، ورفع الظلم عن المظلومين ونصرتهم هذا هو جوهر الدين الإسلامي. حالنا كمسلمين حال يرثى له ولا يسر إذا استمررنا نستقبل الأعياد الواحد تلو الآخر من ضعف إلى اضعف ، فالله جلت قدرته لايغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ويقال أيضا «نعيب زماننا والعيب فينا»،نعم العيب فينا. فنحن نعرف أخطاءنا وهذا ليس بعيب بل قمة النضج ولكن العيب أننا مازلنا وسوف نستمر في أخطائنا إذا لم نعترف بان لدينا أخطاء جسيمة ارتكبناها بحق أنفسنا أولا وبحق ديننا الإسلامي ثانيا ونبادر بتصحيحها. لم شمل المسلمين والمحافظة على ثوابت الدين ليس بالأمر الصعب بل انه من أسهل الأمور إذا حسنت النية وترفعنا عن سفا سف الأمور وأصبح ديدننا النية الصافية والمقصد السليم والحب فيما بيننا والرحمة والتآخي والتسامح والعفو عند المقدرة والصفح عند الإساءة لنا. ندعو الله العلي القادر على كل شيء أن يلطف بنا ويلم شملنا ويجعلنا امة إسلامية واحدة متحابة تدعو إلى الخير والمحبة. نتوسل ونتضرع إلى الرحمن جلت قدرته أن يعيد علينا جميعا كمسلمين الأعياد القادمة ، لسنين عديدة , ونحن بأحسن حال وأكثر قوة وان يهدي ضالنا ، ويرزق ولاة أمور المسلمين الهداية والبطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير والصلاح انه سميع مجيب ، وكل عام والأمة الإسلامية والعربية بخير وعافية وأكثر قوة ورفعة.